بل تجديد التلبية مستحب ، عند فراغه من طوافه المندوب ، وقوله رحمهالله ليعقد إحرامه ، قال محمّد بن إدريس رحمهالله : إحرامه منعقد قبل ذلك ، فكيف يقول ليعقد إحرامه؟ وقوله وانّما يفعل ذلك ، لأنّه لو لم يفعل ذلك ، دخل في كونه محلا ، وبطلت حجّته ، وصارت عمرة ، وهذا قول عجيب ، كيف يدخل في كونه محلا ، وكيف يبطل حجته ، وتصير عمرة ، ولا دليل على ذلك ، من كتاب ، ولا سنة ، مع قول الرسول عليهالسلام : الأعمال بالنيات (١) وانما لامرئ ما نوى (٢).
وقد رجع شيخنا أبو جعفر عن هذا في جمله وعقوده (٣) ، ومبسوطة (٤) فقال : وتميز القارن ، من المفرد ، بسياق الهدي ، ويستحب لهما تجديد التلبية ، عند كل طواف ، وانّما أورد ما ذكره في نهايته إيرادا ، لا اعتقادا ، وقد بيّنا أنّه ليس له أن يحل إلى أن يبلغ الهدي محله ، من يوم النحر ، وليقض مناسكه كلّها ، من الوقوف بالموقفين ، وما يجب عليه من المناسك بمنى ، ثم يعود إلى مكة ، فيطوف بالبيت سبعا ، ويسعى بين الصّفا والمروة سبعا ، ثمّ يطوف طواف النساء ، وقد أحلّ من كل شيء أحرم منه ، وكانت عليه العمرة بعد ذلك.
والمتمتع إذا تمتع ، سقط عنه فرض العمرة ، لأنّ عمرته التي يتمتع بها بالحج (٥) قامت مقام العمرة المبتولة ، ولم يلزمه (٦) إعادتها.
وأمّا المفرد بكسر الراء ، فانّ عليه ما على القارن سواء ، لا يختلف حكمهما في شيء ، من مناسك الحجّ ، وانّما يتميز القارن من المفرد ، بسياق الهدي ، فأمّا باقي المناسك ، فهما مشتركان فيه على السواء.
ويستحب لهما ، أن لا يقطعا التلبية إلا بعد الزوال من يوم عرفة.
__________________
(١) الوسائل : كتاب الطهارة ، الباب ٥ من أبواب مقدمة العبادات ، ح ٦ و ٧.
(٢) الوسائل : كتاب الطهارة ، الباب ٥ من أبواب مقدمة العبادات ، ح ٦ و ٧.
(٣) الجمل والعقود : كتاب الحج ، فصل في ذكر أفعال الحج.
(٤) المبسوط : كتاب الحج ، فصل في ذكر أنواع الحج وشرائطها.
(٥) ج : إلى الحج ، في نسخة.
(٦) ج : لم يلزم.