شهران وعشرة أيام ، فالأول مذهب شيخنا المفيد ، في كتابه الأركان ، ويناظر مخالفه على ذلك ، وهو أيضا مذهب شيخنا أبي جعفر رحمهالله في نهايته (١) وقال في جمله وعقوده : شهران وتسعة أيام (٢) وقال في مسائل خلافه (٣) ومبسوطة (٤). وأشهر الحج : شوال ، وذو القعدة ، وإلى يوم النحر ، قبل طلوع الفجر منه ، فإذا طلع ، فقد مضى أشهر الحج ، ومعنى ذلك ، أنّه لا يجوز أن يقع إحرام الحج إلا فيه ، ولا إحرام العمرة التي يتمتع بها إلى الحج ، إلا فيها ، وأمّا إحرام العمرة المبتولة ، فجميع أيام السنة وقت له.
والذي يقوى في نفسي ، مذهب شيخنا المفيد ، وشيخنا أبي جعفر ، في نهايته ، والدليل على ما اخترناه ، ظاهر لسان العرب ، وحقيقة الكلام ، وذلك أنّ الله تعالى قال في محكم كتابه : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ ) (٥) فجمع سبحانه ، ولم يفرد بالذكر ، ولم يثن ، ووجدنا أهل اللسان ، لا يستعملون هذا القول ، فيما دون أقل من ثلاثة أشهر ، فيقولون : فلان غاب شهرا ، إذا أكمل الشهر لغيبته ، وفلان غاب شهرين ، إذا كان فيهما جميعا غائبا ، وفلان غاب ثلاثة أشهر ، إذا دامت غيبته في الثلاثة ، فثبت أنّ أقل ما يطلق عليه لفظ الأشهر ، في حقيقة اللغة ثلاثة منها ، فوجب أن يجري كلام الله تعالى ، وكتابه على الحقيقة ، دون المجاز ، لأنّ الكلام في الحقائق ، دون المجازات ، والاستعارات.
ويزيد ذلك بيانا ما روي عن الأئمة من آل محمّد عليهمالسلام أنّ أشهر الحج ثلاثة : شوال ، وذو القعدة ، وذو الحجة (٦) ويصحّح هذه الرواية ، عن الأئمة
__________________
(١) النهاية : كتاب الحج ، باب أنواع الحج.
(٢) الجمل والعقود : كتاب الحج ، فصل في كيفية الإحرام وشرائطه.
(٣) الخلاف : كتاب الحج ، مسألة ٢٣.
(٤) المبسوط : كتاب الحج ، فصل في ذكر أنواع الحج وشرائطها.
(٥) البقرة : ١٩٧.
(٦) الوسائل : كتاب الحج ، الباب ١١ من أبواب أقسام الحج.