والتقصير ، سواء كان صرورة ، أو لم يكن ، لبّد شعره ، أو لم يلبّده ، وتلبيد الشعر في الإحرام ، أن يأخذ عسلا ، أو صمغا ، ويجعله في رأسه ، لئلا يقمل ، أو يتسخ ، وقال بعض أصحابنا : الصرورة لا يجزيه إلا الحلق ، وكذلك من لبّد شعره ، وإن لم يكن صرورة ، إلا أنّ الحلق أفضل ، والأول مذهب شيخنا أبي جعفر ، في الجمل والعقود (١) والثاني ذكره في نهايته (٢) ، وهو مذهب شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان (٣) والصحيح الأوّل ، وهو الأظهر بين أصحابنا ، ويعضده قوله تعالى : ( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ) (٤).
ومن ترك الحلق عامدا ، أو التقصير ، إلى أن يزور البيت ، كان عليه دم شاة ، وإن فعله ناسيا ، لم يكن عليه شيء ، وكان عليه اعادة الطواف.
ومن رجل من منى قبل الحلق ، فليرجع إليها ، ولا يحلق رأسه إلا بها ، مع القدرة ، فإن لم يتمكن من الرجوع إليها ، فليحلق رأسه ، مكانه ، ويرد شعره إليها ، ويدفنه هناك ، فإن لم يتمكن من ردّ الشعر ، لم يكن عليه شيء.
والمرأة ليس عليها حلق ، بل الواجب عليها التقصير.
وإذا أراد أن يحلق ، فالمستحب له أن يبدأ بناصيته ، من القرن الأيمن ، ويحلق إلى العظمين ، ويقول إذا حلق : اللهم أعطني بكلّ شعرة نورا يوم القيمة.
وإذا حلق رأسه ، فقد حلّ له كل شيء أحرم منه ، إلا النساء ، والطيب ، إن كان متمتعا ، فإن كان قارنا ، أو مفردا ، حلّ له كلّ شيء ، إلا النساء فحسب.
فإذا طاف المتمتع طواف الحجّ ويسمّى طواف الزيارة ، حلّ له كل شيء إلا النساء ، فحسب ، فإذا طاف طوافهن ، حلّت له النساء.
__________________
(١) الجمل والعقود : كتاب الحج ، فصل في نزول منى.
(٢) النهاية : كتاب الحج ، باب الحلق والتقصير.
(٣) قاله في المقنعة : في كتاب الحج ، في باب الحلق ص ٤١٩
(٤) الفتح : ٢٧.