إحرامه ، لأنّ هذا كان واجبا عليه ، قبل حصره ، فإذا أراد التحلّل من إحرامه بالمرض الذي هو الحصر عندنا ، على ما فسرناه ، فيجب عليه هدي آخر ، لذلك ، لقوله تعالى : ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (١) وما قاله قوي معتمد ، غير أن باقي أصحابنا ، قالوا : يبعث هديه الذي ساقه ، ولم يقولوا يبعث بهدي آخر ، فإذا بلغ محلّه أحلّ إلا من النساء ، فهذا فائدة قوله رحمهالله : وإن كان المحصور معتمرا فعل ما ذكرناه ، وكانت العمرة عليه فرضا في الشهر الداخل ، إذا كانت واجبة ، وإن كانت نفلا ، كانت عليه العمرة في الشهر الداخل ، تطوّعا ، وإنفاذ الهدي أو بعث ثمنه على ما ذكرناه أولا ، انّما يجب على من لم يشترط على ربّه في إحرامه على ما أسلفنا القول فيه وحرّرناه.
فأمّا من اشترط على ربه في حال إحرامه ، إن عرض له عارض ، فحلّه حيت حبسته (٢) ، ثمّ عرض المرض ، فله أن يتحلّل من دون إنفاذ هدي ، أو ثمن هدي ، إلا أن كان قد ساقه ، وأشعره ، أو قلّده ، فلينفذه ، فأمّا إذا لم يكن ساقه ، واشترط ، فله التحلّل إذا بلغ الهدي محلّه ، وبلوغه يوم العيد ، فإذا كان يوم النحر ، فليتحلل من جميع ما أحرم منه ، إلا النساء على ما قدّمناه.
وقال شيخنا المفيد ، في مقنعته ، والمحصور بالمرض ، إن كان ساق هديا ، أقام على إحرامه ، حتى يبلغ الهدي محلّه ثم يحلّ ، ولا يقرب النساء ، حتى يقضي المناسك من قابل ، هذا إذا كان في حجّة الإسلام ، فأمّا حجة التطوّع ، فإنّه ينحر هديه ، وقد أحلّ ممّا كان أحرم منه ، فإن شاء حج من قابل ، وإن لم يشأ ، لم يجب عليه الحج ، والمصدود بالعد وينحر هديه الذي ساقه بمكانه ، ويقصّر من شعر رأسه ، ويحل ، وليس عليه اجتناب النساء ، سواء كانت حجته فريضة ، أو سنّة (٣) هذا آخر كلام المفيد رحمهالله.
__________________
(١) البقرة : ١٩٦
(٢) في ط وج : حبسه
(٣) المقنعة : كتاب الحج ، باب من الزيادات في فقه الحج ص ٤٤٦.