عليه الكفارة ، كما يجب على المحرم سواء ، فإذا كان اليوم الذي واعدهم ، أحلّ. وإن بعث بالهدي من أفق من الآفاق ، يواعدهم يوما بعينه ، بإشعاره وتقليده ، فإذا كان ذلك اليوم اجتنب ما يجتنبه المحرم ، إلى أن يبلغ الهدي محلّه ، ثمّ إنّه أحلّ من كلّ شيء أحرم منه (١).
قال محمّد بن إدريس : هذا غير واضح ، وهذه أخبار آحاد لا يلتفت إليها ، ولا يعرج عليها ، وهذه أمور شرعيّة ، يحتاج مثبتها ومدعيها إلى أدلّة شرعية ، ولا دلالة له من كتاب ، ولا سنّة مقطوع بها ، ولا إجماع ، فأصحابنا لا يوردون هذا في كتبهم ، ولا يودعونه في تصانيفهم ، وانّما أورده ، شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمهالله في كتابه النهاية ، إيرادا ، لا اعتقادا ، لأنّ الكتاب المذكور ، كتاب خبر ، لا كتاب بحث ونظر ، كثيرا ما يورد فيه أشياء غير معمول عليها ، والأصل براءة الذمة من التكاليف الشرعيّة.
والمصدود بالعدو إذا منع من الوصول إلى البيت ، كان له أن يتحلّل ، لعموم الآية ، ثم ينظر ، فإن لم يكن له طريق إلا الذي صدفيه ، فله أن يتحلّل بلا خلاف ، وإن كان له طريق آخر ، فإن كان ذلك الطريق ، مثل الذي صدّ عنه ، لم يكن له التحلّل ، لأنّه لا فرق بين الطريق الأوّل والثاني ، وإن كان الطريق الآخر ، أطول من الطريق الذي صدّ عنه ، فإن لم يكن له نفقة تمكنه أن يقطع بها الطريق الآخر ، فله أن يتحلّل ، لأنّه مصدود عن الأول ، وإن كان معه نفقة تمكنه قطع الطريق الأطول ، إلا أنّه يخاف إذا سلك ذلك الطريق ، فاته الحج ، لم يكن له التحلّل ، لأنّ التحلّل انّما يجوز بالصد ، لا بخوف الفوات ، وهذا غير مصدود هاهنا ، فإنّه يجب أن يمضي على إحرامه في ذلك الطريق ، فإن أدرك الحج جاز ، وإن فاته الحج لزمه القضاء ، إن كانت حجّة الإسلام ، أو
__________________
(١) النهاية : كتاب الحج ، باب المحصور والمصدود.