لأبي بكر ؟ هل هي موضوعة أم من الزيادات ؟ ولكم جزيل الشكر .
ج : إنّ مبنى التحقيق عند علماء الشيعة ـ خلافاً لغيرهم ـ يفرض عليهم أن يعرضوا كافّة أسانيد الروايات للنقد العلمي ، فما ثبتت صحّته فهو مقبول ، وما لم تثبت فهم في حلٍّ منه ، ولا يلزم من هذه القاعدة الحكم بالوضع لتمام أجزاء الرواية ، إذ قد يكون الدسّ والتحريف مسّ جزءً منها ، فكلّ ما في الأمر أنّ الحديث الذي لم يثبت سنده بالطريق الصحيح لا يمكن الاعتماد عليه في الاستدلال .
وفي مورد السؤال نقول : بأنّ الرواية الأُولى منقولة في التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري عليهالسلام (١) ، ولا يخفى ما في سندها من ضعف .
وأمّا الرواية الثانية : فهي منقولة في تفسير فرات الكوفي (٢) ، ولكن لم يرد لها سند صحيح ومعتبر ، فالحكم عليها كالحكم على الرواية الأُولى .
ومع غضّ النظر عن السند فلا تدلّ الرواية الأُولى على فضيلة خاصّة ، لورود شرط فيها كما ذكرتموه « إن دمت … » ، وينتفي المشروط بانتفاء شرطه كما هو واضح ، وهذا نظير ما صدر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله في مجال تقريضه لشعر حسّان بن ثابت في غديريّته قائلاً : « لا تزال ـ يا حسّان ـ مؤيّداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك » ، علماً منه صلىاللهعليهوآله بانحراف حسّان عن أمير المؤمنين عليهالسلام في أُخريات أيّامه ، فهذا من إعلام النبوّة ، إذ هو تنبيه لأبي بكر حتّى لا يزل ، ولا ينسى العهود والمواثيق التي أخذها صلىاللهعليهوآله عليه ، وتناساها فيما بعد .
وأمّا الرواية الثانية : فليس فيها أيّة فضيلة ، فإنّ مجرد الصحبة لا تدلّ على ميزة ، خصوصاً بعدما نعلم بأنّ هذه الصحبة لم تكن مدروسة ومقصودة من قبل ، بل بعدما أطّلع أبو بكر على النبيّ صلىاللهعليهوآله أخذه معه ، حتّى لا يطّلع عليه أحد .
______________________
(١) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري : ٥٩٩ .
(٢) تفسير فرات الكوفي : ١٦١ .