والرابع : أنّه أخبر عن شفقة النبيّ صلىاللهعليهوآله ورفقه به ، لموضعه عنده فقال : ( لَا تَحْزَنْ ) .
والخامس : أخبر أنّ الله معهما على حدّ سواء ، ناصراً لهما ودافعاً عنهما ، فقال : ( إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) .
والسادس : أنّه أخبر عن نزول السكينة على أبي بكر ، لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لم تفارقه سكينته قط ، قال : ( فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) (١) .
فهذه ستة مواضع تدلّ على فضل أبي بكر من آية الغار ، حيث لا يمكنك ولا غيرك الطعن فيها .
فقلت له : حبرت كلامك في الاحتجاج لصاحبك عنه ، وإنّي بعون الله سأجعل ما أتيت به كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف .
أمّا قولك : إنّ الله تعالى ذكر النبيّ صلىاللهعليهوآله وجعل أبا بكر معه ثانيه ، فهو إخبار عن العدد ، ولعمري لقد كانا اثنين ، فما في ذلك من الفضل ؟! فنحن نعلم ضرورة أنّ مؤمناً ومؤمناً ، أو مؤمناً وكافراً ، اثنان فما أرى لك في ذلك العدّ طائلاً تعتمده .
وأمّا قولك : إنّه وصفهما بالاجتماع في المكان ، فإنّه كالأوّل لأنّ المكان يجمع الكافر والمؤمن ، كما يجمع العدد المؤمنين والكفّار .
وأيضاً : فإنّ مسجد النبيّ صلىاللهعليهوآله أشرف من الغار ، وقد جمع المؤمنين والمنافقين والكفّار ، وفي ذلك يقول الله عزّ وجلّ : ( فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ ) (٢) .
وأيضاً : فإنّ سفينة نوح عليهالسلام قد جمعت النبيّ ، والشيطان ، والبهيمة ، والكلب ، والمكان لا يدلّ على ما أوجبت من الفضيلة ، فبطل فضلان .
______________________
(١) التوبة : ٢٧ .
(٢) المعارج : ٣٧ .