وثانياً : لو كان صحيحاً فهل يعتبر فضيلة لأبي بكر ؟ ودمتم رمزاً للحقّ والعدالة ؟
ج : إنّ قول الإمام الصادق عليهالسلام : « ولدني أبو بكر مرّتين » يتناقله العامّة عند ذكر فضائل أبي بكر .
والحديث ينقله صاحب كتاب « كشف الغمّة » للأربلي ـ وهو من الإمامية ـ إلا أنّه صرّح في مقدّمة كتابه فقال : واعتمدت في الغالب النقل من كتب الجمهور ، ليكون أدعى لتقبّله بالقبول .
فنقل في كتابه « كشف الغمّة » : وقال الحافظ عبد العزيز الأخضر الجنابذي وهو من العامّة في ذكر أُمّ الإمام جعفر الصادق ... ، ولذا قال جعفر : « ولدني أبو بكر مرّتين » (١) .
ولكن عندما نقل الفضل بن روزبهان الحديث عن « كشف الغمّة » أضاف إليه الصدّيق ، فصار الحديث : « ولدني أبو بكر الصدّيق مرّتين » ، وهذا شأنهم لرفع فضائل أصحابهم .
ومع التسليم أنّ الإمام الصادق عليهالسلام قاله ، فلا دلالة في كلامه هذا على الثناء والتعظيم ، بل الظاهر أنّه ذكر ذلك عند تفصيل حال الآباء والأُمّهات ، لأنّ أُمّ الإمام عليهالسلام هي أُمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر ، وأُمّها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، فيكون أبو بكر جدّاً لأُمّ فروة من جهة الأب ومن جهة الأُمّ ، فعبّر الإمام عليهالسلام بهذا التعبير ، ولا يكون فضلاً ، لأنّ الله تعالى يقول : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) (٢) .
فإنّ أبا بكر وإنّ كان ما كان فإنّه يخرجُ الخبيث من الطيّب ، ويخرج الطيّب من الخبيث ، فهذا سام بن نبيّ الله نوح عليهالسلام ، ما ضرّ أبوه عمله ، ولا
______________________
(١) كشف الغمّة ٢ : ٣٧٤ .
(٢) المدثر : ٣٨ .