كتاب « تاريخ الطبري » من خلال المكتبات . ٦ ـ الإمام علي عليهالسلام لم يبايع إلّا بعد ستة أشهر ، وقول ابن أبي سفيان هو قبل ذلك ، هذا في اعتقادي ولم آتي بدليل على ذلك ! وأشكركم على الإنصات لي ، والله الموفّق . ج : إنّ البيعة بمعناها المصافقة والالتزام والتعهّد ، لم تصدر من الإمام علي عليهالسلام ، إنّما الذي ثبت هو هدنته معهم ، وإشاعتهم وتلقيهم ذلك منه بمنزلة البيعة ، وهذا لم يحصل إلّا بعد ستة أشهر ، كما روى ذلك البخاري والطبري وغيرهما ، ويكفي البخاري ، لأنّ كتابه أصحّ كتاب بعد كتاب الله تعالى عندهم .
فقد روى البخاري بسنده إلى عائشة : « أنّ فاطمة عليهاالسلام بنت النبيّ صلىاللهعليهوآله أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ممّا أفاء عليه بالمدينة وفدك ، وما بقى من خمس خيبر ، فقال أبو بكر : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : « لا نورّث ما تركناه صدقة ، إنّما يأكل آل محمّد في هذا المال » ، وإنّي والله لا أُغيّر شيئاً من صدقة رسول الله صلىاللهعليهوآله عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلىاللهعليهوآله .
فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته ، فلم تكلّمه حتّى توفّيت ، وعاشت بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ستة أشهر ، فلمّا توفّيت دفنها زوجها علي ليلاً ، ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلّى عليها ، وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلما توفّيت استنكر علي وجوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ، ولم يكن يبايع تلك الأشهر ، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك كراهية لمحضر عمر ، فقال عمر : لا والله لا تدخل عليهم وحدك ، فقال أبو بكر : وما عسيتهم أن يفعلوا بي ، والله لآتينهم ، فدخل عليه أبو بكر ... » (١) .
______________________
(١) صحيح البخاري ٥ / ٨٢ .