« الحمد لله الذي تفرّد بالكمال ... وقدّم المفضول على الفاضل لمصلحة اقتضاها التكليف ، واختصّ الأفضل من جلائل المآثر بنفائس المفاخر ... » .
فباعتبار أنّه يؤمن بأنّ علياً أفضل من أبي بكر وعمر ، وأنّهما مفضولان ، فأصبح شيعياً باصطلاح المحدّثين ، لأنّ الأفضل هو المقدّم ، فعلي عليهالسلام هو المقدّم ، كأنّه لم يقدّم لمصلحة ـ كما يقول ابن أبي الحديد ـ فعليه يكون ابن أبي الحديد شيعي باصطلاح المحدّثين الأوّل ، وهو من يقدّم علي عليهالسلام على الشيخين .
لكن ابن أبي الحديد لا يكون شيعياً باصطلاح الثاني للمحدّثين ـ وهو الإيمان بخلافة علي وبطلان خلافة غيره ـ لأنّ ابن أبي الحديد من المؤمنين بصحّة خلافة الشيخين والداعمين لها ، وهذا ما يذكره من أوّل الشرح إلى آخره .
وكذلك لا يكون شيعي بهذا المعنى الحديث ـ وهو الإيمان بالإمامة ، وأنّ علياً إماماً وولده أئمّة ـ فإنّه بين هذه العقيدة وبين ما يؤمن ـ كما هو واضح في شرح النهج ـ بعد المشرقين .
فإذاً من يقول بأنّ ابن أبي الحديد شيعي يغالط في ذلك ، فتصوّر السامع أنّ ابن أبي الحديد شيعي إمامي أو زيدي ، كما ينصرف له هذا اللفظ عند السماع ، مع أنّ القائل يقصد ـ مغالطة ـ المعنى الذي يستخدمه المحدّثون ، وهو تفضيل علي عليهالسلام على الشيخين ، فانتبه لهذا ، ولا تكن في غفلة عنه ، لأنّ هذا حتّى السلفية لم يفهموه بعد .
وأمّا الرواية التي وردت في « تاريخ الطبري » ، فهي أيضاً ساقطة سنداً ، لكن اشتبه محقّق الكتاب فقال : والحديث ليس بصحيح ، سنده محمّد بن عثمان بن صفوان ، ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ٣ / ٦٤١ ، وقال : « قال أبو حاتم : منكر الحديث » (١) .
وفي كلام محقّق الكتاب خطأ ، لأنّ هناك :
______________________
(١) السقيفة وفدك : ٤٠ .