ويريدون محو الإسلام واستئصال جذوره من الأساس ، وأمير المؤمنين عليهالسلام لا يردّ ذلك على حساب الخلافة ، لأنّ الخلافة أمر واجب على الناس ، وليس على علي عليهالسلام ، لأنّ هناك إمامة وخلافة ، والإمامة ينصّبها الله ، وعلي عليهالسلام إمام بتنصيب الله تعالى ، ومن وظائف الإمامة الخلافة ـ أي أنّ مقام الخلافة الأحق به الإمام ـ وهذه الخلافة مشروطة بالنصرة ، وأن يبايع الناس علياً ، فيجب على الناس أن يعيّنوا علياً عليهالسلام خليفة عليهم وأن ينصرونه ، فعندما خذلوه وعصوا الحكم الشرعي بوجوب نصبه خليفة ، ما كان على علي عليهالسلام إلّا المحافظة على بيضة الإسلام من أهل النفاق ، ومن الطلقاء ، ومن الأعراب الذين ارتدوا ، فلذلك كان علياً عليهالسلام يهمّه الإسلام أكثر من الخلافة ، إذ الخلافة تجب على الناس أن يعطوها لعلي عليهالسلام ، فلمّا عصوا فلم يبق أمام الإمام علي عليهالسلام إلّا نصر الدين والمحافظة عليه ، مادام الناس تراجعوا وتقهقروا عن واجبهم الشرعي ـ وهو نصب من نصّبه الله ـ فلذلك قال : « فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً وهدماً يكون المصاب بهما عليّ أعظم من فوات ولاية أُموركم ، التي هي إنّما متاع أيام قلائل » .
والشاهد على أنّ أبا سفيان كان يبغي ضرب الإسلام ما نقله ابن أبي الحديد في شرح النهج حيث قال : « لمّا اجتمع المهاجرون على بيعة أبي بكر ، أقبل أبو سفيان وهو يقول : أما والله إنّي لا أرى عجاجة لا يطفئها إلّا الدم ، يا لعبد مناف فيم أبو بكر من أمركم ! أين المستضعفان ؟ أين الأذلّان ! ـ يعني علياً والعباس ـ ما بال هذا الأمر في أقلّ حيّ من قريش ؟ ثمّ قال لعلي : أبسط يدك أبايعك ، فو الله إن شئت لأملأنها على أبي فضل ـ يعني أبا بكر ـ خيلاً ورجالاً » (١) .
فانظر إلى خبث هذا الرجل ، فهو يريد أن يضرب المسلمين بعضهم ببعض ، حتّى يخلوا له الجوّ ، ويرجع إلى الجاهلية ، وأنظر إلى الخيل والرجال التي توعّد
______________________
(١) شرح نهج البلاغة ١ / ٢٢١ .