وعن مسروق عن عائشة قالت : صلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله خلف أبي بكر قاعداً في مرضه الذي مات فيه (١) .
وفي رواية أُخرى : « آخر صلاة صلّاها رسول الله صلىاللهعليهوآله مع القوم في ثوب واحد ملتحفاً به ، خلف أبي بكر » (٢) .
وهكذا روايات متعدّدة ، لن تجد روايتين منها تتّفق في المعنى ، فضلاً عن اللفظ ، وذلك دليل على اختلاق القصّة ، والذي روي عن طريق الخاصّة :
عن الإمام موسى الكاظم عليهالسلام يرويه عيسى الضرير : قال : فسألته وقلت : جعلت فداك ، قد أكثر الناس قولهم في أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أمر أبا بكر بالصلاة ، ثمّ أمر عمر ، فأطرق عنّي طويلاً ، ثمّ قال : « ليس كما ذكر الناس ، ولكنّك يا عيسى كثير البحث عن الأُمور ، لا ترضى إلّا بكشفها » .
فقلت : بأبي أنت وأُمّي ، من أسأل عمّا انتفع به في ديني ، وتهتدي به نفسي مخافة أن أضلّ غيرك ، وهل أجد أحداً يكشف لي المشكلات مثلك ؟
فقال : « إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا ثقل في مرضه ، دعا علياً عليهالسلام ، فوضع رأسه في حجره وأُغمي عليه ، وحضرت الصلاة فأذّن بها ، فخرجت عائشة فقالت : يا عمر أخرج فصلّ بالناس ، فقال لها : أبوك أولى بها منّي ، فقالت : صدقت ، ولكنّه رجل لين ، وأكره أن يواثبه القوم ، فصلّ أنت ، فقال لها : بل يصلّي هو وأنا أكفيه إن وثب واثب ، أو تحرّك متحرّك ، مع أنّ رسول الله مغمى عليه لا أراه يفيق منها ، والرجل مشغول به ، لا يقدر أن يفارقه ـ يعني علياً عليهالسلام ـ فبادروا بالصلاة قبل أن يفيق ، فإنّه إن أفاق خفت أن يأمر علياً بالصلاة ، وقد سمعت مناجاته منذ الليلة ، وفي آخر كلامه يقول لعلي عليهالسلام : الصلاة ، الصلاة » .
قال : « فخرج أبو بكر يصلّي بالناس ، فظنّوا أنّه بأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلم يكبّر حتّى أفاق صلىاللهعليهوآله ، وقال : ادعوا لي عمّي ـ يعني العباس ـ فدعي له فحمله وعلي عليهالسلام حتّى أخرجاه وصلّى بالناس وإنّه لقاعد ، ثمّ حمل فوضع على المنبر
______________________
(١) مسند أحمد ٦ / ١٥٩ .
(٢) البداية والنهاية ٥ / ٢٥٥ .