وأمّا القول بنزول التحريم في سنة الفتح ، عام ثمانية من الهجرة يوم الشرب المذكور ، فلا يدعمه ـ على قول البعض ـ إلّا حديث أحمد ، الذي جاء فيه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد أعرض على شخص كان بصدد إهداء الخمر أو بيعه (١) .
وقصارى ما يستفاد من هذا الحديث أنّ التحريم بلغ هذا الرجل عام الفتح ، لا أنّ التحريم قد نزل فيه ، فلا يعارض الأقوال التي تصرّح بنزول التحريم قبله ، خصوصاً أنّ الرجل المذكور ـ على ما في حديث أحمد ـ كان من أعراب البوادي ، فيحتمل قوياً عدم وصول التحريم إليه .
ثانياً : إنّ ذيل رواية شرب الخمر المذكورة خير شاهد على نزول التحريم قبل تلك الواقعة ، إذ جاء فيه أنّ الأمر قد بلغ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقام يجر إزاره حتّى دخل عليهم مغضباً ، وهمّ أن يضرب بعضهم .
وهنا نتساءل : بأنّ التحريم لو لم يسبق هذه الواقعة فما هو معنى غضب الرسول صلىاللهعليهوآله في المسألة ؟ إذ لو كان مباحاً لم يتأثّر النبيّ صلىاللهعليهوآله بهذا الشكل .
وبالجملة ، فلا ينبغي التأمّل في صدق ارتكاب الفواحش والموبقات بالنسبة إليه في حياة الرسول صلىاللهعليهوآله .
وأمّا بعد حياة الرسول صلىاللهعليهوآله ، فمخالفته الوصية بإمامة وخلافة أمير المؤمنين علي عليهالسلام لهو دليل واضح لانحراف الشخص وعدوله عن الخطّ المستقيم ، ومن ثمّ زلّة لا تغتفر ، أضف إلى ذلك مبادرته وتأييده الاعتداء على بيت الزهراء عليهاالسلام ، وضربها وكسر ضلعها ، وإسقاط جنينها ، خير شاهد على فسق الرجل ، ممّا أدّى ذلك إلى غضب فاطمة عليهاالسلام عليه بصريح البخاري وغيره (٢) .
فمن مجموع هذه الموارد ـ وموارد أُخرى لم يسعنا التطرّق إليها في هذا المختصر ـ لا يبقى لدينا أيّ شكّ أو ريب في ثبوت عدم عدالته .
______________________
(١) مسند أحمد ١ / ٢٣٠ .
(٢) صحيح البخاري ٨ / ٣ .