لتبليغها ، فأخذها الإمام علي عليهالسلام من أبي بكر ، فذهب فبلّغها .
ثمّ يبدأ الاختلاف في الروايات ، فأكثرها تثبت رجوع أبي بكر للنبيّ صلىاللهعليهوآله كئيباً أو خائفاً ، أو مستفسراً مستغرباً ، وهو يقول : « أنزل فيّ شيء » ؟ (١) .
فعلى هذه الروايات يكون أبو بكر قد رجع ولم يحجّ ، لعدم سهولة الذهاب والإيّاب ، للحوق الإمام علي عليهالسلام بهم بعد مسير ثلاثة أيّام ، ثمّ الذهاب إلى المدينة والرجوع إليهم ، مع سيرهم وعدم توقّفهم ، إضافة لعدم ورود النقل بذهابه وإيابه في أية رواية من الروايات الكثيرة جدّاً ولو بإسناد ضعيف .
وهناك روايات أُخر تذكر بأنّ أبا بكر لمّا رأى علياً عليهالسلام قد التحق بهم ، وعلى ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآله سأله : أمير أم مأمور ؟ قال الإمام علي عليهالسلام : « بل مأمور » (٢) .
فهذه الرواية ـ إن صحّت ـ فإنّهم يستدلّون بها على مواصلة أبي بكر لأمر الحجّ ، وتركه لأمر تبليغ البراءة لعلي عليهالسلام ، ولكن حتّى لو صحّت ، فإنّه يرد على الاحتجاج بها ـ بمجرد هذه الرواية بمواصلة أبي بكر الحجّ وجعله تحت إمرة أبي بكر ـ بأنّنا لو دقّقنا في المعنى من ذلك القول ، وقارناه بقوله في رواية أُخرى : « أمير أم رسول » ؟ (٣) ، فإنّه يحتمل أنّ أبا بكر قد سأله : هل أنت بأمرك من يريد أخذ آيات براءة وتبليغها ، أم أنّك رسول ومأمور من قبل النبيّ صلىاللهعليهوآله ؟
______________________
(١) السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٢٨ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩١ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٠٥ و ٣١٢ و ٣١٧ .
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٨ / ٦٧ ، تفسير القرآن العظيم ٢ / ٣٤٧ ، البداية والنهاية ٥ / ٤٥ ، السيرة النبوية لابن هشام ٤ / ٩٧٢ ، السيرة النبوية لابن كثير ٤ / ٦٩ ، سبل الهدى والرشاد ١٢ / ٧٤ .
(٣) ذخائر العقبى : ٦٩ ، سنن الدارمي ٢ / ٦٧ ، سنن النسائي ٥ / ٢٤٧ ، السنن الكبرى للنسائي ٢ / ٤١٦ و ٥ / ١٢٩ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٢ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ٢٠ ، شواهد التنزيل ١ / ٣١٧ ، جواهر المطالب ١ / ٩٦ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٦١ .