القادحين فيه ابن أبي الحديد في « نهج البلاغة » (١) ، حيث سلكه في عداد المنحرفين عن علي عليهالسلام ، وأنّ في قلبه شيئاً منه .
إذاً كيف نستطيع أن نأخذ حديثاً في قدح علي عليهالسلام من شخص متهم عليه ؟
وإذا عرفنا أنّ سعيداً هو القائل : « من مات محبّاً لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وشهد للعشرة بالجنّة ، وترحّم على معاوية ، كان حقيقاً على الله أن لا يناقشه الحساب » (٢) ، فحينئذ نعرف بعد ما أوضح موقفه من معاوية ، قيمة هذا الحديث الذي وضعه في حقّ أبي طالب عليهالسلام .
وأمّا الآية ففيها :
١ ـ تدلّنا رواية البخاري على أنّ الآية نزلت عند احتضار أبي طالب ، ولكنّا إذا رجعنا إلى نزولها وجدناها مدنية ، فبين وفاة أبي طالب ونزول هذه الآية ، ما يزيد على ثمانية أعوام .
فمجرى الحديث يدلّ على استمرار استغفار الرسول صلىاللهعليهوآله لعمّه ـ وهو كذلك ـ ولم ينقطع إلّا عند نزول هذه الآية : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ ... ) .
وهنا نتساءل : كيف جاز للرسول صلىاللهعليهوآله أن يستغفر لعمّه في الفترة التي بعد موته حتّى نزول هذه الآية ؟ وكانت قد نزلت على الرسول آيات زاجرة تنهاه ، وتنهى المؤمنين أن يستغفروا للمشركين ، قبل نزول هذه الآية بأمد طويل ، من تلك الآيات قوله : ( لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ ) (٣) فهل يجوز للرسول صلىاللهعليهوآله أن يستغفر لعمّه ، ولديه آيات ناهية وزاجرة عن الاستغفار للمشركين ؟
٢ ـ هناك روايات وأقوال تنقض حديث البخاري وغيره في وجه نزول الآية .
على سبيل المثال :
______________________
(١) شرح نهج البلاغة ٤ / ١٠١ .
(٢) تاريخ مدينة دمشق ٥٩ / ٢٠٧ .
(٣) المجادلة : ٢٢ ، وقوله في سورة النساء : ١٣٩ و ١٤٤ ، وآل عمران : ٢٨ ، والمنافقون : ٦ ، وغيرها .