الثاني : مضمون هذا الحديث يصطدم مع دلالة عشرات الأحاديث والأخبار التي تصرّح وتشير إلى إيمان أبي طالب عليهالسلام ، وبهذا تسقط دلالته عن الحجّية لأجل التعارض المذكور .
وبالجملة : فالحديث المذكور هو من وضع النواصب ، يظهرون به حقدهم للنيل من شخصية الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، فلو كان أبو طالب عليهالسلام أباً لأحد خلفاء الجور لم تثار حوله هذه التهم والأكاذيب .
والذي نرويه في أبي طالب : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال على جنازته : « وصلت رحماً وجزيت خيراً يا عم ، فلقد ربّيت ، وكفلت صغيراً ، ونصرت وأزرت كبيراً » (١) ، وتألّم كثيراً على موته .
وروي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : « يا يونس ما يقول الناس في إيمان أبي طالب » ؟ قلت : جعلت فداك يقولون : هو في ضحضاح من نار يغلي منها أُمّ رأسه ، فقال : « كذب أعداء الله ، أنّ أبا طالب من رفقاء النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أُولئك رفيقا » (٢) .
وروي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه كان جالساً في الرحبة ، والناس حوله ، فقام إليه رجل فقال له : يا أمير المؤمنين إنّك بالمكان الذي أنزلك الله ، وأبوك معذّب في النار ، فقال له : « مه ، فضَّ الله فاك ، والذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً ، لو شفع أبي في كلّ مذنب على وجه الأرض لشفّعه الله ، أبي معذّب في النار وابنه قسيم الجنّة والنار ، والذي بعث محمّداً بالحقّ إنّ نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلائق إلّا خمسة أنوار ، نور محمّد ونور فاطمة ، ونور الحسن والحسين ، ونور ولده من الأئمّة ، إنّ نوره من نورنا ، خلقه الله من قبل خلق آدم بألفي عام » (٣) .
وروي عن الإمام الصادق عليهالسلام قيل له : إنّ الناس يزعمون أنّ أبا طالب في
______________________
(١) شرح الأخبار ٢ / ٥٥٧ ، إعلام الورى ١ / ٢٨٢ .
(٢) كنز الفوائد : ٨٠ .
(٣) الأمالي للشيخ الطوسي : ٣٠٥ و ٧٠٢ .