ومن جانب آخر ، قد أبّنه الإمام موسى
الكاظم عليهالسلام
بقوله : «
إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، مضى والله مسلماً صالحاً صوّاماً ، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر ، ما كان في أهل بيته مثله »
(١) ، حتّى إنّ علياً
ويحيى ابني عبد الله ـ من أركان حركة فخّ ـ كانا يقولان : « ما خرجنا حتّى شاورنا أهل بيتنا ، وشاورنا موسى بن جعفر عليهماالسلام
، فأمرنا بالخروج » (٢)
. وعلى ضوء ما ذكرنا ، فإنّ حركة إدريس في
المغرب ، بما أنّها كانت امتداداً لحركة فخّ ، واستمراراً لها ، فإنّها كانت تحظى بتأييد غير مباشر من الأئمّة عليهمالسلام
كما هو سيرة الأئمّة عليهمالسلام
في تأييد الحركات الثورية السليمة في وجه أعداء الدين في ظروف التقية فهم عليهمالسلام
وإن كانوا لم يشاركوا في هذه النهضة ونظائرها ـ لمصالح كانت تفرض عليهم ـ ولكن دعموها بأقوالهم تصريحاً أو تلويحاً ، فمثلاً نسب إلى الإمام الرضا عليهالسلام
أنّه قال : «
إدريس بن عبد الله من شجعان أهل البيت ، والله ما ترك فينا مثله »
(٣) ، حتّى أنّه جاءت
رواية مرسلة على لسان الرسول صلىاللهعليهوآله
أنّه قال : «
عليكم بإدريس بن إدريس فإنّه نجيب أهل البيت وشجاعهم » (٤)
. ولا يخفى في المقام ، أنّ سيرة الأدارسة
ـ وعلى الأخصّ إدريس الأوّل والثاني ـ خالية من إدعاء الخلافة أو الإمامة ، ممّا يؤيّد علاقتهم بأئمّة زمانهم عليهمالسلام ، كما هو ظاهر بأدنى تأمّل . وعلى هذا ، فإنّ حركتهم ـ حتّى لو قلنا
أنّها كانت بمبادرة شخصية ـ جاءت لتأييد خطّ الإمامة والولاية ، لا الدعوة إلى أنفسهم . نعم ، وإن كان هذا لا يدلّ على تصحيح
كافّة تصرّفاتهم في الحكم ، من ______________________ (١) المصدر السابق : ٣٠٢
. (٢) المصدر السابق : ٣٠٤
. (٣) أعيان الشيعة ٣ /
٢٣١ . (٤) مجالس المؤمنين ٢
/ ٢٨٦ .