ج
: في القرن السابع للهجرة ظهرت مدرسة
عقيدية وفقهية جديدة بين المسلمين ، وهي تنتمي إلى أهل السنّة ، أصلّ لها وطرح مفاهيمها ابن تيمية الحرّاني ، وجاء بعده أبرز تلامذته ابن القيّم الجوزية ، وقد قدّموا رؤية فكرية تختلف في آرائها ومنهجها عن المذاهب الفقهية والفكرية الأُخرى . وقد مثّلت في حينها خروجاً على أهل
السنّة ، وإن اعتبرها البعض فيما بعد حركة تجديدية ، ويمكن تلخيص آراء هذه المدرسة فيما يلي : ١ ـ تبنّت قضايا عقائدية متّصلة
بالأسماء والصفات ، وقامت بمراجعة لمدرسة الأشاعرة وغيرها من المدارس الفكرية السنّية ، وقدّمت تصوّراً عقائدياً اصطدم مع آراء كلّ تلك المدارس مفاده : إنّ جميع ما ورد في صفات الله تعالى ـ من الآيات والأحاديث ـ يجب أن تفهم على ظاهرها ، وما يؤدّيه اللفظ من معنىً بلا تأويل . وأثبتت بذلك أنّ الله تعالى في السماء ،
وأنّه ينزل منها إلى السماء الدنيا ، وأنّ له وجهاً ويدين ورجلين وجوارح ، واعتبرت من يخالفها معطّلة وكفّاراً . ٢ ـ سمّت نفسها ـ ومن يسير على نهجها ـ بأهل
السنّة والجماعة ، واعتبرت منهجها امتداداً لعقيدة السلف من الصحابة والتابعين . ٣ ـ قسّمت التوحيد إلى ثلاثة أنواع : أ ـ توحيد الأُلوهية . ب ـ توحيد الربوبية . ج ـ توحيد الأسماء والصفات . ٤ ـ وصفت غيرها من المسلمين بأنّهم
يؤمنون بالربوبية ولا يؤمنون بالأُلوهية ، كما كان حال كفّار قريش ، ثمّ قامت بالاستدلال بالآيات التي نزلت في كفّار قريش والمجتمع الجاهلي ، وتطبيقها على المجتمعات المسلمة رغم مخالفتها في هذا الاستدلال للمذاهب الفقهية والفكرية والسنّية قبل غيرها . ٥ ـ توسّعت في استخدام سلاح التكفير
ووصم من خالفها من المسلمين بالشرك والابتداع في الدين ، وتشدّدت في أحكامها على من سمّتهم بالمبتدعة