ج : إنّ الروايات المانعة التي أشرتم إليها عند العامّة ـ إن صحّت سنداً ـ فإنّها تدلّ على المنع من البكاء على الميّت على نحو الإطلاق ، فيمكن الذبّ والدفاع عن الروايات المجوّزة ـ كالتي وردت في جواب بعض الإخوة ـ بأنّ هذه الأحاديث خاصّة في مورد الإمام الحسين عليهالسلام ، فتخصّص تلك الاطلاقات بهذه المخصّصات ، وهذا أسلوب مألوف في علم الأُصول ـ كما هو ثابت في محلّه ـ للجمع بين الأدلّة ونفي التعارض بينها .
على أنّ الروايات المانعة المشار إليها هي بنفسها ـ مع غضّ النظر عن الأخبار الواردة في شأن الإمام الحسين عليهالسلام ـ متعارضة مع روايات أُخرى في مصادر أهل السنّة ، فورد في بعضها : أنّ عائشة ردّت هذه الروايات ، ونقلت صور أُخرى ، لا تدلّ على المنع (١) .
ويؤيّد رواية عائشة ، ما ورد في سنن الترمذي ، من أنّ منع رسول الله صلىاللهعليهوآله كان في مجال بكاء اليهود على أمواتهم (٢) .
وأمّا تعميم الحكم لباقي المعصومين عليهمالسلام ، فأوّلاً : بالاطلاقات الواردة ، لتسرّي الأحكام من بعض المعصومين عليهمالسلام على جميعهم ـ إلّا إذا ورد خطاب يخصّص بعضهم دون بعض ـ .
وثانياً : بنفس الرواية التي أوردناها في جواب بعض الإخوة ، إذ جاء فيها : « وعلى مثله ـ أي الإمام الحسين عليهالسلام ـ تلطم الخدود ، وتشقّ الجيوب » (٣) .
ولا ريب ، أنّ المثيل الأوّل والأخير للمعصوم ، هو المعصوم عليهالسلام .
وبالجملة : نستنتج جواز ، بل استحباب إقامة كافّة أنواع العزاء ـ ومنها اللطم ـ على الإمام الحسين عليهالسلام ، وباقي الأئمّة عليهمالسلام .
______________________
(١) مسند أحمد ١ / ٤١ ، صحيح البخاري ٥ / ٩ ، صحيح مسلم ٣ / ٤٣ ، المستدرك على الصحيحين ١ / ٣٨١ ، الدرّ المنثور ٣ / ٦٧ .
(٢) الجامع الكبير ٢ / ٢٣٦ .
(٣) تهذيب الأحكام ٨ / ٣٢٥ .