البيت عليهمالسلام ، فيحزنون لحزنهم ، وإنّ هذا العمل من المؤمنين إحياء لأمر أهل البيت عليهمالسلام .
وقد روي عنهم عليهمالسلام : « رحم الله من أحيا أمرنا » (١) ، فإذا ارتدى عامّة الناس من الرجال والشباب والأطفال الثياب السود ، كان ذلك ظاهرة اجتماعية تلفت نظر الغريب فيسأل : ماذا حدث ؟ بالأمس كان الأمر طبيعياً ، وكانت ألوان ثياب الناس مختلفة ، وأمّا اليوم فقد لبسوا كلّهم السواد ؟!
فعندما يوضّح له بأنّ اليوم يوم حزن ومصيبة على ريحانة الرسول صلىاللهعليهوآله الإمام الحسين عليهالسلام ، كان هذا الأمر في حدّ نفسه إحياء لأمره عليهالسلام ، ولهذا اشتهر أنّ بقاء الإسلام بشهري محرّم وصفر ، وذلك لأنّ حقيقة الإسلام والإيمان قد أُحييا بواقعة كربلاء ، وهذا دليل لابدّ من المحافظة عليه ، لتراه الأجيال القادمة ماثلاً أمامهم ، فيحصل لهم اليقين به ، فإنّ الإمام الحسين عليهالسلام نفسه قد أثبت أحقّية التشيّع ، وأبطل ما عداه .
ثمّ من الروايات الواردة في استحباب لبس السواد على الإمام الحسين عليهالسلام :
١ ـ ما رواه ابن قولويه : « إنّ ملكاً من ملائكة الفردوس الأعلى ، نزل على البحر ، ونشر أجنحته عليها ، ثمّ صاح صيحة وقال : يا أهل البحار ألبسوا أثواب الحزن ، فإنّ فرخ رسول الله صلىاللهعليهوآله مذبوح » (٢) .
وفهم الشيخ النوري من هذه الرواية : عدم كراهة لبس السواد ، أو رجحانه حزناً على أبي عبد الله عليهالسلام ، كما عليه سيرة كثير في أيّام حزنه ومأتمه (٣) .
٢ ـ ما رواه البرقي ، بسنده عن عمر بن علي بن الحسين قال : « لمّا قتل جدّي الحسين بن علي عليهماالسلام ، لبسن نساء بني هاشم السواد والمسوح ، وكن لا يشتكين من حرّ ولا برد ، وكان علي بن الحسين عليهماالسلام يعمل لهن الطعام للمأتم » (٤) .
______________________
(١) الاختصاص : ٢٩ ، الأمالي للشيخ الطوسي : ١٣٥ .
(٢) كامل الزيارات : ١٤٣ .
(٣) مستدرك الوسائل ٣ / ٣٢٨ .
(٤) المحاسن ٢ / ٤٢٠ .