مع العلم أنّ تلك الحادثة ـ مثل مصيبة الإمام الحسين ـ كانت من الماضي ؟ ونسألكم الدعاء ، والشكر الجزيل .
ج : يمكن الإجابة على سؤالك من عدّة وجوه :
الوجه الأوّل : لقد بكى على الحسين عليهالسلام الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله قبل استشهاده ، وقد ثبت ذلك من طرقنا ومن طرق العامّة ، ويمكن تأسّياً بالرسول صلىاللهعليهوآله أن نبكي على الحسين عليهالسلام ، ولا علاقة للزمان وبعده عن واقعة استشهاده ، لأنّه لو كان للزمان علاقة لكان الأولى بالرسول صلىاللهعليهوآله أن لا يبكي على الحسين عليهالسلام قبل حصول الواقعة ، بل الذي يدعونا ـ كما يدعو الرسول صلىاللهعليهوآله ـ للبكاء هو مظلومية الإمام الحسين عليهالسلام .
الوجه الثاني : قد ورد أيضاً أنّ بعض الأنبياء عليهمالسلام قد بكوا على الإمام الحسين ، وبعد الأنبياء عن واقعة استشهاد الإمام الحسين عليهالسلام أكثر من بعدنا عن تلك الواقعة ، ومع الاختلاف في السبق واللحوق .
الوجه الثالث : قد ورد أيضاً أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله بكى على حمزة وجعفر ، وأمر النساء بالبكاء عليهما ، حتّى صار البكاء على حمزة من عادة نساء أهل المدينة .
الوجه الرابع : بعد أن ثبت عندنا بالدليل القاطع عصمة أئمّتنا عليهمالسلام يمكننا الأخذ برواياتهم وسيرتهم ، وقد كان دأب المعصومين عليهمالسلام بعد واقعة الطفّ البكاء على الحسين عليهالسلام ، وكان بعضهم يقيم مآتم العزاء ، وكانوا يأمرون شيعتهم بالبكاء ، وإقامة العزاء ، وحضور مجالس العزاء ، حتّى ورد عندنا فضل للتباكي على الحسين عليهالسلام ، ونحن تبعاً لهم عليهمالسلام نسير على خطاهم ، ونهتدي بهديهم ، ونأتمر بأوامرهم .
فقضية البكاء على الحسين عليهالسلام من القضايا الفرعية ، التي يمكن إثباتها بعد إثبات الأُصول التي تعتمد عليها ، ولا تتوقّف تلك الأُصول على جواز أو عدم جواز البكاء ، حتّى يستلزم الدور المحذور .