فمن أين نثبت وجود الله ؟ والحال أنّا لم نره ، ولم نسمع صوته ، ولم نذق طعمه ، ولم نلمس جسمه ، ولم نشمّ ريحه .
فصنع العالم كرتين ، إحداهما من حديد ، والأُخرى من خشب ، وصبغهما ، ثمّ أتى بهما إلى الملحد ، وقال : أنا أخبرك بأنّ إحدى هاتين الكرتين حديد ، والأُخرى خشب ، أنظر وعيّن ؟!
نظر الملحد ، وعجز عن التعيين بالنظر .
قال العالم : فأصغ وعيّن ؟ أصغى الملحد ، وعجز عن التعيين بالسمع .
قال العالم : ذق وعيّن ؟ ذاق الملحد ، وعجز عن التعيين باللسان .
قال العالم : اشمم وعيّن ؟ شمّ الملحد ، وعجز عن التعيين بالأنف .
قال العالم : ألمس وعيّن ؟ لمس الملحد ، وعجز عن التعيين باللمس .
ثمّ وضعهما العالم في يد الملحد ، وحينذاك أدرك أنّ الأثقل الحديد ، فقال : هذا هو الحديد ، وهذا الأخف هو الخشب .
قال العالم : من أخبرك أنّ الأثقل الحديد ، والأخف الخشب ؟
قال الملحد : عقلي هو الذي أرشدني إلى ذلك .
قال العالم : فليست المعلومات منحصرة بالحواس الخمس ، وإنّ للعقل حصّة مهمّة من العلوم ، والله تعالى الذي نقول به إنّما هو معلوم للعقل ، وان لم يكن مدركاً للحواس .
فانقطع الملحد ، ولم يحر جواباً !!
طالب وزميل :
قال الطالب : لا وجود لله إطلاقاً .
الزميل : من أين تقول هذا ؟ ومن علّمك ؟
الطالب : أمّا من علّمني ؟ فما أنت وهذا ؟ وأنّا لا أتحاشى من أن أقول : إنّ المدرسة هي التي أوحت إليّ بهذه الفكرة ، وإنّي جدّاً شاكر لها ، حيث أنقذتني من التقاليد إلى سعة العلم .