فيها كفراً ولا ضلالاً ، بل وجدت دعوتهما هي دعوة الحقّ التي أرسل بها النبيّ صلىاللهعليهوآله .
والسؤال : لماذا هذا الافتراء على هذين الشيخين ؟
ج : قبل التعرّض لكلمات شيخ المجسّمة ابن تيمية نقدّم كلام ابن الجوزي الحنبلي ، وما ذكره في حقّ الحنابلة لإيضاح الحقيقة أكثر .
قال ابن الجوزي : « ورأيت من أصحابنا من تكلّم في الأُصول بما لا يصلح ، وانتدب للتصنيف ثلاثة : أبو عبد الله بن حامد ، وصاحبه القاضي ، وابن الزاغوني ، فصنّفوا كتباً شانوا بها المذهب ، ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام ، فحملوا الصفات على مقتضى الحسّ ، فسمعوا أنّ الله تعالى خلق آدم على صورته ، فاثبتوا له صورة ووجهاً زائداً على الذات ، وعينين ، وفماً ، ولهوات ، وأضراساً ، وأضواء لوجهه هي السبحات ، ويدين ، وأصابع ، وكفّاً ، وخنصراً ، وإبهاماً ، وصدراً ، وفخذاً ، وساقين ، ورجلين ، وقالوا : ما سمعنا بذكر الرأس .
وقالوا : يجوز أن يَمس ويُمس ، ويدني العبد من ذاته ، وقال بعضهم : ويتنفّس ، ثمّ يرضون العوام بقولهم : لا كما يعقل ! وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات ، فسمّوها بالصفات تسمية مبتدعة لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل ، ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى ، ولا إلى إلغاء ما يوجبه الظواهر من سمات الحدوث ، ولم يقنعوا بأن يقولوا : صفة فعل ، حتّى قالوا : صفة ذات !
ثمّ لمّا اثبتوا أنّها صفات ذات قالوا : لا نحملها على توجيه اللغة مثل : يد على نعمة وقدرة ، ومجيء وإتيان على معنى برّ ولطف ، وساق على شدّة ، بل قالوا : نحملها على ظواهرها المتعارفة ، والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين ، والشيء إنّما يحمل على حقيقته إذا أمكن ، ثمّ يتحرّجون من التشبيه ، ويأنفون من إضافته إليهم ويقولون : نحن أهل السنّة ! وكلامهم صريح في التشبيه ، وقد تبعهم خلق من العوام .