المعنوي والمجاز ، وتحرير العنوان على وجه يتميّز به موضع الخلاف ويتبيّن جهته ، إنّ التقسم في القضيّة التقسيميّة في بادئ النظر يتصوّر على وجوه :
أحدها : أن يؤخذ اللفظ بنفسه لا باعتبار مسمّاه مطلقا مقسما.
وثانيها : أن يؤخذ اللفظ باعتبار مسمّاه الوضعي الحقيقي مقسما ، كما في الإنسان المنقسم باعتبار معنى الحيوان الناطق إلى العالم والجاهل.
وثالثها : أن يؤخذ اللفظ باعتبار مسمّاه التأويلي مقسما ، سواء كان ذلك المسمّى التأويلي جامعا حقيقيّا بين القسمين ، كالشجاع في تقسيم « الأسد » باعتباره إلى المفترس والرامي ، أو جامعا اعتباريّا كمفهوم « المسمّى » في تقسيم الأسد باعتباره إليهما ، وفي تقسيم « العين » باعتباره إلى الباكية والجارية وغيرهما من معانيها الحقيقيّة.
وهو على الوجه الأوّل فاسد الوضع ، ضرورة مبائنة اللفظ لما هو من مقولة المعنى فلا يصلح مقسما لما يباينه ، حيث إنّ القضيّة التقسيميّة نوع من الحمليّة ومن المستحيل وقوع اللفظ بنفسه موضوعا في قضيّة محمولها ما هو من مقولة المعنى ، كاستحالة وقوعه كذلك محمولا فيما اخذ موضوعه من مقولة المعنى.
وعلى الوجه الثاني ما يعبّر عنه بتقسيم المعنى ، وهو يوجد في الحقائق إذا اخذت من باب الاشتراك المعنوي.
وعلى الوجه الثالث يعبّر عنه بتقسيم اللفظ ، ويوجد في المجازات باعتبار الأمر المشترك التأويلي المعبّر عنه بعموم المجاز ، وفي المشتركات اللفظيّة باعتبار الأمر المشترك المعبّر عنه بعموم الاشتراك ، ولا إشكال في كلّ من الوجهين إذا علم بحقيقة الحال فيهما باعتبار الخارج ، فلا يمكن تنزيل الخلاف المتقدّم إليهما ، بل الخلاف واقع في صورة اشتباه التقسيم الوارد في القضيّة من حيث تردّده بين الوجهين ، وإليه يرجع ما في كلام المنكر لعلاميّة صحّة التقسيم من أنّ التقسيم أعمّ من تقسيم المعنى وتقسيم اللفظ.
ولا ريب أنّه لا يرجع أيضا إلى الملازمة الواقعيّة بين صحّة التقسيم والحقيقيّة