وثانيها : الاستعمال المطلق ، المجهول حاله من حيث قيدي « التجرّد » و « قصد الإفهام » وعدمهما.
وثالثها : غلبة الاستعمال المأخوذة من طرق الحقيقة في كلام جماعة من الاصوليّين ، ولا سيّما متأخّري المتأخّرين مع إنكارهم دلالة الاستعمال بالمعنى الثاني على الحقيقة ، فينبغي البحث والتكلّم بالنظر إلى هذه العناوين مضافة إلى عنوان أصالة الحقيقة في مقامات أربع :
المقام الأوّل : في الاستعمال المأخوذ معه قيد « التجرّد » و « قصد الإفهام » وحيثما علم الاستعمال بهذه المثابة فلا ينبغي التأمّل في كونه كاشفا عن الوضع كشفا إنّيّا على وجه القطع ، كما نصّ عليه في النهاية (١) والتهذيب (٢) والمنية (٣) وغيرهما.
ويظهر من السيّد في الذريعة حيث قال ـ في مفتتح الكتاب على ما حكي ـ : وأقوى ما يعرف به كون اللفظ حقيقة هو نصّ أهل اللغة وتوقيفهم على ذلك ، أو يكون معلوما من حالهم ضرورة ، ويتلوه في القوّة أن يستعملوا اللفظة في بعض الفوائد ولا يدلّونا ما على أنّهم متجوّزون بها مستعيرون لها ، فيعلم أنّها حقيقة. انتهى (٤) فتأمّل.
فالملازمة بين الاستعمال بهذا المعنى وبين الوضع والحقيقيّة ثابتة بلا إشكال ، كالملازمة بين الاستعمال مع القرينة المقصود بها الإفهام وبين انتفاء الوضع والمجازيّة ، فالأوّل علامة الحقيقة كما أنّ الثاني علامة المجاز ، وقد سبق منّا في بحث الوضع والمطالب المتعلّقة به باعتبار قيد « الدلالة على المعنى بنفسه » ما ينفعك في هذا المقام ، وما يرشدك إلى صدق هذه المقالة.
__________________
(١) نهاية الوصول إلى علم الاصول : ( مخطوط ).
(٢) تهذيب الوصول إلى علم الاصول : الورقة ١٥ ( مخطوط ).
(٣) منية اللبيب في شرح التهذيب : ( مخطوط ).
(٤) الذريعة الى اصول الشريعة ١ : ١٠.