الشارح لكن كون الأصل في الإطلاق وإن كان مشهورا وفي كتبهم مذكورا ، إلاّ أنّ ظنّي أنّ هذا الأصل ليس له أصل ينبغي الاعتماد عليه ، ولا يحصل معه ظنّ يمكن الاستناد إليه.
كيف وإنّهم صرّحوا بأنّ المجاز أكثر اللغة ، وأطبقوا على أنّه أبلغ من الحقيقة ، فكيف يحصل بمجرّد استعمال اللفظ في معنى الظنّ بأنّه معنى حقيقي له. انتهى.
وهذا كما ترى ممّا لا إشعار له بأنّ ما صرّحوا به ـ على ما حكاه ـ مرضيّ له ولا بأنّه مائل إليه ، وإنّما أورده في هذا المقام على سبيل الحكاية توهينا لأصل الإطلاق ، وتنبيها على أنّ ملاحظته ولو من جهة اشتهاره عند أهل الفنّ ممّا يمنع عن حصول الظنّ من هذا الأصل ، أو من مجرّد الاستعمال.
ولو سلّم فإنّما أشار به إلى ما عزي إلى محقّقي أهل اللغة ، وتلقّاه الاصوليّون بالقبول على ما قيل ، من غلبة المجاز بمعنى غلبة المفاهيم المجازيّة الغير الموضوع لها ـ بأحد التقارير الآتية ـ بالقياس إلى المفاهيم الحقيقيّة الموضوع لها ، لا غلبة المجاز بالمعنى الّذي عرفته عن ابن جنّي.
وهذه قضيّة يذكرونها في تعارض الأحوال ، في مسألة تعارض الاشتراك والمجاز ، وجها لرجحان المجاز.
ولا ريب أنّ النظر في مسائل التعارض ليس إلى جهة الاستعمال ، بأن يكون مورد البحث إثباتا ونفيا هو الاستعمال ، بكونه المرجّح للاشتراك في نظر القائل برجحانه وللمجاز في نظر القائل به ، بل إلى نفس الاشتراك التابع للوضع والمجاز التابع لانتفاء الوضع.
وأمّا إنّ المذهب المشهور الّذي عليه الجمهور هو الوقف بالمعنى المتقدّم ـ فلنصّ دليلهم ، فإنّه بأعلى صوته ينادي به بل لا نتيجة له سواه ، فإنّهم إنّما يتكلّمون في مقابلة السيّد المصرّح بدلالة الاستعمال مطلقا على الحقيقة وظهوره فيها ، فخالفوه بقولهم : « الاستعمال لا يدّل على الحقيقة » وليس بظاهر فيه.
واستدلّوا عليه : بأنّه أعمّ ، والأعمّ لا يدلّ على الأخصّ ، وهذا كما ترى