المعنى المستعمل فيه عليه ، بدعوى : كونه بمنزلته ، لوضوح أنّ استعمال « الأسد » في الحيوان المفترس ، بمنزلة أن يقال : « الأسد الحيوان المفترس » فكما أنّ نحو ذلك لو ورد في كلام من يعتدّ بقوله ممّا يفيد كون اللفظ حقيقة فيه موضوعا بإزائه ، فكذلك ما هو بمنزلته ، فممّا يقضي الضرورة بفساده لمنع الحكم في الأصل ، فإنّ نحو هذا الحمل المتولّد من نحو هذا الاستعمال الأعمّ باعتبار جهالة حاله أعمّ من الحقيقة.
وتوضيحه : إنّ الحمل فيما بين اللفظ المستعمل ومعناه المستعمل فيه ذاتي ، وهو يتأتّى في كلّ من الاستعمال الحقيقي والاستعمال المجازي ، وإنّما يعلم الحال بملاحظة الخارج ، فالحمل إنّما يعتبر ويؤخذ به بحسب الاستعمال الواقع فيما بين اللفظ ، فإذا كان الاستعمال على ما هو مفروض المقام بحيث جهل حاله كان الحمل المتولّد منه أيضا على هذا الوجه فلا يفيد شيئا ، وهو باعتبار كونه ضمنيّا تابعا لنحو هذا الاستعمال ليس نظير الحمل الصريح الواقع في كلام من يعتدّ بقوله في إثبات اللغات ، لأنّ كونه متعرّضا لبيان معنى اللفظ قرينة مقام أوجبت ظهور الحمل في إفادة الحقيقة ، فلا يقاس عليه الحمل الضمني الغير المقصود به إلاّ إفادة ذات المعنى من غير نظر إلى وصفه من الحقيقة والمجاز.
ومنها : إنّ الاشتراك أكثر في اللغة ، فيكون الحمل عليه أولى مع الاشتباه.
أمّا الاولى : فلأنّ الكلمة اسم وفعل وحرف ، والحروف كلّها مشتركة كما يشهد به كتب النحو ، وكذا الأفعال فإنّ الماضي والمستقبل مشتركان بين الخبر والدعاء ، والمضارع مشترك بين الحال والاستقبال ، والأمر مشترك بين الوجوب والندب.
وأمّا الأسماء فإنّ الاشتراك فيها كثير على ما يشهد به تتبع اللغة ، فإذا ضمّ إليها الحروف والأفعال غلب الاشتراك على الانفراد.
وأمّا الثانية : فلأنّ المظنون لحوق المشتبه بالأكثر الأغلب.
ولا يخفى ضعفه : بل دعوى غلبة الاشتراك في اللغة من أوضح الأغلاط ، كيف وهو في القلّة بمرتبة أنكره قوم فأحالوه ، مع أنّ الأصل في الكلام الأسماء