ولا يعقل الفرق بينهما بكونه كذلك بالقياس إلى الأوّل دون الثاني ، لأنّ الشيء الواحد لا يتحمّل طرفي النقيض ، فإذا نفي احتمال عدم القصد في الجهات الثلاث بالظهور أو بناء العقلاء بالنسبة إلى محلّ قصد الإفهام ، كان منفيّا بالقياس إلى غيره أيضا.
غاية الأمر : عدم كون قصد الإفهام متحقّقا بالنسبة إلى ذلك الغير بالخصوص ، ولا يلزم منه عدم كون الكلام مقصودا به الإفهام أصلا.
كما يدفعه في تقريره الثاني : أنّ الاصول العدميّة لا يتفاوت الحال في جريانها بين من قصد إفهامه وغيره ، لأنّ احتمال الحدوث في كلّ شيء إذا لم يساعد عليه أمارة ينفى بالأصل مطلقا.
وبعبارة اخرى : كلّ حادث إذا شكّ في حدوثه فالأصل عدمه ، من غير تعقّل فرق بين آحاد الشاكّ.
والأصل العقلي ممّا لا ينبغي أخذه من أجزاء الأمارة المحرزة للظهور ، لأنّه أصل اخذ في موضوعه الظهور ، فهو في الحقيقة دليل على الملازمة بين ظهور إرادة المعنى الحقيقي وكون المراد هو المعنى الحقيقي ، فيكون من أدّلة الكبرى ، وقصوره لإثبات الكبرى بالنسبة إلى من لم يقصد إفهامه لما اخذ في موضوعه من الاختصاص بمن قصد إفهامه غير ضائر ، لعدم انحصار دليل الكبرى فيه.
وأمّا منع الكبرى فيدفعه : عدم الفرق في بناء العقلاء في الأخذ بالظواهر بين المقامين ، فإنّا نراهم في المراسلات والمكاتبات مطبقين على أخذهم من ظواهرها مطالب من أرسلها ، واستفادة مقاصده وعقائده من غير مراعاة كونهم مقصودين بالإفهام وعدمه ، بل لو فرضنا أنّ أحدا ينكر على من يستفيد المطلب وليس ممّن قصد إفهامه ويشنّعه لأطبقوا على ذمّه والتشنيع عليه.
وكيف كان : فاستقرار بنائهم على ما ذكر من غير نكير ممّا لا يمكن الاسترابة فيه.
وأمّا منع الدليل على اعتبار بنائهم هنا بالخصوص فلم يتحقّق معناه ، فإنّ بناء