بناء على أنّ الأصل عدم نسخ الوضع الأوّل على معنى هجره ، وإذا انجرّ الكلام إلى مراعاة موافقة الأصل ومخالفته فنقول : إنّ لدوران الأمر بين النقل والاشتراك صورا يختلف باختلافها الأصل :
إحداها : أن يكون اللفظ في اللغة موضوعا لمعنى وفي العرف لمعنى آخر ، واحتمل نقله من الأوّل إلى الثاني أو اشتراكه بينهما ، وله فروض ثلاث :
الأوّل : أن يثبت كونه للمعنى العرفي باعتبار وضع التعيين ، وحينئذ فمرجع الدوران بينهما إلى الشكّ في حدوث لوازم النقل الزائدة على تعدّد الوضع ، كنسخ الوضع الأوّل إن قلنا باعتبار الهجر في النقل ، وملاحظة المناسبة بين المعنيين عند الوضع الثاني ، والأصل عدمهما فيترجّح الاشتراك.
الثاني : أن يثبت كونه باعتبار وضع التعيّن ، فإن قلنا بالاشتراك التعيّني ـ كما جوّزه بعض ـ فانحصر المايز بينهما في اعتبار هجر المعنى اللغوي في النقل دون الاشتراك ، والشكّ راجع إليه والأصل عدمه ، فيترجّح الاشتراك أيضا.
وإن قلنا بعدمه كما هو الأظهر ـ بناء على ظهور كلامهم في الفرق بين النقل والاشتراك بملاحظة المناسبة في الأوّل دون الثاني ، في كون الحصر بينهما عقليّا دائرا بين الإثبات والنفي قاضيا بانتفاء الواسطة ، كما هو قضيّة عبائرهم عند تقسيم اللفظ ، ولا يستقيم ذلك إلاّ بجعل السلب في كلامهم بالنسبة إلى المشترك كلّيا والإيجاب بالنسبة إلى المنقول جزئيّا ، على معنى اعتبار ملاحظة المناسبة ولو للتجوّز في الاستعمالات السابقة على التعيّن في نقل التعيّن ـ سقط حينئذ احتمال الاشتراك وخرج الفرض معه عن موضوع التعارض ، كما هو واضح.
الثالث : أن لا يثبت شيء من الوجهين ، بل كان الوضع المفروض للمعنى العرفي مردّدا بين التعيين والتعيّن ، وكان ذلك سببا لدوران الأمر بين الاشتراك والنقل.
فإن قلنا بأصالة وضع التعيّن في نظائر الفرض ، كما قيل بها استنادا إلى أصالة تأخّر الحادث وأصالة عدم الوضع يترجّح النقل ، المبنيّ على كون الوضع العرفي