لكن قد تبيّن بما قرّرناه من طريق الاستدلال ، إنّ المقصود من إحراز الشيوع والغلبة في جانب التخصيص إنّما هو بيان صيرورة ظهور العامّ في العموم موهونا بملاحظة شيوع التخصيص في العمومات وغلبة التخصيصات ، ليحرز به كون الحقيقة أظهر في معناها الحقيقي ، ولا فرق في ثبوت الأظهريّة لها وكون العامّ غير أظهر ، بين ما لو فرض المجاز في العامّ ، أو في الكلام المشتمل على العامّ ، أو في كلام آخر غيره ، كما هو واضح.
هذا كلّه فيما إذا لوحظ التخصيص والمجاز بنوعيهما مع قطع النظر عن الخصوصيّات الطارئة لأحدهما ، الموجبة لرجحان المرجوح ومرجوحيّة الراجح ، على معنى أنّ التخصيص نوعا أرجح من المجاز نوعا ، لكون غيره من أنواع الحقائق نوعا أظهر من العامّ نوعا ، وهذا لا ينافي انعكاس الفرض باعتبار الطواري ، فإنّه ربّما يطرأ التخصيص أو المجاز من الخصوصيّات ما يوجب مرجوحيّة التخصيص ورجحان المجاز ، لكون العامّ مع ملاحظة هذه الخصوصيّة أظهر من مقابله.
ومن جملة ذلك كون التخصيص المقابل للمجاز تخصيص الأكثر ، فإنّ العامّ عند معارضة تخصيص الأكثر والمجاز ـ لغاية مرجوحيّة ذلك التخصيص وقلّة وقوعه في الخارج ـ أظهر في العموم من مقابله في حقيقته ، فيرجّح المجاز عليه.
ومن جملة ذلك كون المجاز المقابل للتخصيص مجازا مشهورا ، فإنّ الشهرة في المعنى المجازي ـ على تقدير البناء على أصالة الحقيقة في المجاز المشهور في غير محلّ التعارض ـ توجب وهنا في ظهور الحقيقة ، ويصير العامّ بذلك أظهر في العموم من مقابله في حقيقته.
ومن جملة ذلك إعراض المعظم أو غير واحد من الأساطين المشاهير كالمحقّق والشهيدين (١) الأوّلين وأحزابهما في محلّ التعارض عن التخصيص إلى اختيار المجاز ، فإنّه يوجب قوّة في ظهور العامّ وضعفا في مقابله ، لكشفه عن قرينة معيّنة للمجاز قد بلغتهم ، فيكون العامّ أظهر.
__________________
(١) كذا في الأصل.