لأنّ معنى كون الإجماع بيانا ، إنّه يكشف عن وجود قرينة حاليّة أو فعليّة أو قوليّة حال الخطاب أفادت التجوّز وقد اختفت علينا.
كما لا يقدح كونه رواية في احتمال الناسخيّة إلاّ إذا كانت رواية نبويّة ، نظرا إلى استحالة النسخ بعد انقطاع الوحي ، لأنّ حقيقة النسخ هو بيان انتهاء مدّة استمرار الحكم ، وإنّما يستحيل وقوعه بعد انقطاع الوحي إذا كان مستنده الوحي أو الإلهام أو نزول جبرئيل ، أو غير ذلك ممّا يختصّ بالأنبياء.
وأمّا إذا كان مستنده إيقاف النبيّ صلىاللهعليهوآله وإخباره لوصيّة عليهالسلام باستمرار الحكم إلى غاية فلانيّة مع أمره عليهالسلام إيّاه عليهالسلام ببيان انتهاء مدّة استمراره عند حلول الغاية ، فلا استحالة فيه أصلا.
نعم إنّما يعتبر في الرواية مطلقا كونها قطعيّة الصدور ، بتواتر أو استفاضة أو احتفاف بالقرائن القطعيّة ، حذرا عن النسخ بخبر الواحد.
وكيف كان : فالأرجح في هذه الصورة هو المجاز كما هو المعروف ، من غير خلاف يعرف فيه ، عملا بقاعدة الإلحاق الملحقة لمورد الاشتباه ـ وهو الحالة الواقعة في الخطاب المردّدة بين المجاز والنسخ ـ بالأعمّ الأغلب ، نظرا إلى كون وقوع المجاز في خطابات الشرع في غاية الشيوع والكثرة وليس كذلك النسخ.
مضافا إلى كون ظهور الخطاب بنفسه في استمرار الحكم أقوى وأكثر من ظهور ما يحتمل فيه المجاز في معناه الحقيقي ، فيجب الالتزام بالمجاز ترجيحا للأظهر على الظاهر.
ولو سلّم منع الأظهريّة الذاتيّة فشيوع وقوع المجاز في خطابات الشرع وقلّة وقوع النسخ ممّا يقوي ظهور الخطاب في الاستمرار ، ويوهن ظهور الحقيقة في معناه الحقيقي ، فيكون الأوّل أيضا ، أظهر فيجب ترجيحه المقتضي لنفي احتمال النسخ.
وربّما استدلّ أيضا بما استفاض من الروايات : بأنّ حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة.