ومنها : الاستقراء بتقرير آخر ذكره بعض الأعاظم (١) وهو ندرة النقل في العرف العامّ بعد الشرع ، فيلحق المشكوك بالأعمّ الأغلب.
وفيه : مع أنّه لا يجري في مقابلة اللغة بالمعنى الثاني ، إنّه معارض بمثله لندرة ما لم يستمرّ من المعاني اللغويّة إلى زمان الشارع ، فيلحق المشكوك بالأعمّ الأغلب.
ومنها : الشهرة حسبما تقدّم من كون تقديم العرف هو المشهور ، وهي إن لم تفد العلم فلا أقلّ من إفادتها الظنّ وهو حجّة في اللغات.
وفيه : إنّ الشهرة مع فساد المستند لا تفيد الظنّ فضلا عن عدم إفادتها العلم.
ومنها : بعد مخالفة عرف الشارع لهذا العرف ، مع أنّه لم يمض بينهما إلاّ قليل من الزمان ، والمخالفة المنبئة عن النقل تحتاج إلى مضيّ زمان طويل.
وفيه : مع أنّ مخالفة عرف الشارع لعرف أئمّة اللغة أبعد ، لما عرفت من كونه أقرب العرفين إليه ، وإنّ مجرّد الاستبعاد لا ينهض حجّة على الخصم ، مع قلّة الزمان المتخلّل بين زمان الشارع والعرف العامّ.
ولو سلّم فالبعد المتوهّم يرتفع بفرض كون النقل تعيّنيّا كما هو الغالب في المنقولات ، مع سبق الاستعمالات المجازيّة البالغة حدّ الكثرة على زمان الشارع واستمرارها إلى زمانه ، حتّى بلغت بعد زمانه حدّا أوجب النقل وتعيّن اللفظ للمعنى العرفي المفروض كونه مجازيّا في زمان الشارع وما قبله.
ومنها : طريقة العرف وقاطبة أهل اللسان حيث تراهم أنّهم لا يزالون يحملون كلام الشارع على ما هو المتعارف عندهم من دون فحص عن اللغة ، وبحثهم عن مخالفة متعارفهم لما هو المثبت في الكتب ، فلو كان احتمال تقديم اللغة ممّا يعتنى به عندهم لما أهملوا في أمر الفحص ، ولما تركوه بالمرّة.
وفيه : إنّ عدم التزامهم بالفحص والبحث إنّما هو لما ارتكز في أذهانهم من
__________________
(١) إشارات الاصول : ٣٧ ( الطبعة الحجريّة ).