باب العلم في مثل ذلك ومنع التعويل على النقل الغير المفيد للعلم ، لا يلزم من ذكر من المحذور ، لعدم مدخليّة لهذا المفروض في أمر الإفادة والاستفادة.
نعم لو أراد الأجنبيّ عن لغة العرب أن يتعلّمها بمراجعة أقوال اللغويّين وكتبهم المتداولة ، أمكن القول بعدم اتّفاق العلم له في كثير ممّا ضبطوه ، بل في أكثرها بل في كلّها ، مع قطع النظر عن الامور المكتنفة بها ، الّتي لها دخل في إفادة العلم من التعاضد والقرائن الجزئيّة ، غير أنّ ذلك أجنبيّ عن الملازمة المذكورة ، وبعيد عن مظانّ الإفادة والاستفادة كما لا يخفى.
ومنها : إجماع العلماء بجميع أصنافهم قديما وحديثا من العامّة والخاصّة ، على مراجعة كتب اللغويّين والأخذ بقولهم في معرفة معاني الألفاظ ، والاحتجاج به لقطع المشاجرات في المسائل العلميّة من غير نكير ، ومن دون أن يعهد من خصومهم إلاّ التسليم أو السكوت أو المعارضة بقول لغوي آخر ، ومن دون المبادرة إلى الردّ ومنع الاحتجاج ، تعليلا بأنّه احتجاج بما لا عبرة به ، واعتماد على ما لا ينبغي الاعتماد عليه.
ونوقش فيه : تارة بأنّ الإجماع إنّما يعتبر لكشفه عن قول المعصوم ورأيه عليهالسلام ، ولا يكون كاشفا إلاّ في الامور الشرعيّة ، والمقام أمر لغوي ليس بيانه من وظيفة المعصوم ليكون الإجماع كاشفا عن رأيه.
واخرى : بأنّ الاجماع إنّما يعتبر إذا انعقد في زمان المعصوم عليهالسلام ، أو كان المجمع عليه ثابتا في زمانه ، وهذا الشرط في المقام منتف ، لكون العمل بقول أهل اللغة أمرا حادثا من العلماء ، متأخّرا حدوثه عن زمن المعصوم.
وثالثة : بأنّ الإجماع في خصوص المقام تقييديّ لاختلاف مشاربهم في العمل ، فإنّ منهم من يعمل بقول أهل اللغة لإفادته القطع ، بملاحظة بعض القرائن الداخلة أو الخارجة ، ومنهم من يعمل به تعبّدا ، ومنهم من يعمل به بزعم كونه ظنّا خاصّا قام الدليل على اعتباره بالخصوص ، ومنهم من يعمل بزعم طروّ الاضطرار إلى العمل به ، فلا إجماع على اعتباره من حيث إنّه سبب للظنّ.