[٥٥] قوله : (فإنّ المجازات الحادثة عربيّة وإن لم يصرّح العرب بآحادها ... الخ)
ويشكل بمنع كونها مجازات على تقدير كون وضعها من باب التعيين كما هو مقتضى الحجّة المتقدّمة ، لعدم اقتضائه سبق التجوّز في استعمالاتها ، الملازم لملاحظة العلاقة لمعانيها اللغويّة ، واحتمال استنادها إلى الوضع والعلاقة معا مع أنّه غير معقول لقضائه باتّصاف الاستعمال الواحد بالحقيقيّة والمجازيّة ، ممّا لا يساعد عليه الذوق السليم ، سيّما إذا استلزم عراء الوضع عن الفائدة ، ومقايسته على استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي ـ على ما جوّزه جماعة من الاصوليّين ـ بمعزل عن التحقيق ، لكمال وضوح الفرق بينهما ، لعدم تعدّد المستعمل فيه فيما نحن فيه.
وما قيل ـ في إصلاحه ـ : من كفاية كونها بحيث لو استعملها اللغوي في هذه المعاني بملاحظة العلاقة كانت مجازات لغويّة في كونها عربيّة ، فقول المجيب : إنّها حقائق شرعيّة مجازات لغويّة ، معناه : إنّها مجازات لغويّة بحسب القوّة.
يدفعه : إنّ المعتبر في الحقيقة والمجاز إنّما هو الاستعمال بحسب الفعل ، ولا يكفي فيه صلاحيّة الاستعمال ، وإلاّ لكفى في الحقيقة لأنّها مع المجاز بالنسبة إلى الاستعمال المأخوذ فيهما على شرع سواء ، وهو خلاف ما صار إليه المحقّقون ، ولذا أطبقوا على عدم استلزام المجاز للحقيقة ، وقضيّة الاكتفاء بصلاحيّة الاستعمال كون كلّ مجاز مستلزما لها ، لتحقّق الاستعمال بهذا المعنى في كلّ لفظ موضوع ، وهذا كما ترى.
وقد يتكلّف في إلحاقها بالعربيّة : بأنّها لما كانت من موضوعات العرب بحكم الفرض ، وقد نقلها الشارع إلى المعاني الحادثة لمناسبتها المعاني الأصليّة اللغويّة ، فهي حال استعمالها في هذه المعاني عربيّة ، لأنّ لوضع العرب مدخلا في وضعها واستعمالها.
ويشكل ذلك أيضا : بأنّه إنّما يستقيم لو كان تصرّف الشارع فيها من باب النقل المصطلح.