إلاّ دعوى أنّ هذه الألفاظ حيثما استعملها الشارع في المعاني المحدثة الشرعيّة فقد استعملها مجازا ، فإذا فرض كون ذلك المعنى المجازي هو الصحيح ـ بناء على القول بالصحيحة ـ رجع إلى إنكار ورود استعمالها في غيره ، وهذا هو المراد باللازم ، وبطلان اللازم بعد ملاحظة إطباق الفريقين على ورود الاستعمال في كلام الشارع كتابا وسنّة في غير الصحيحة أيضا ـ بل كثرة وقوعه ـ ولو مجازا ، أوضح من أن يوضح.
والجواب : أنّ التعبير بالاسم في العنوان إنّما هو لانعقاد النزاع في عرف المتشرّعة ، إطباقا منهم على كونه ميزانا لعرف الشارع ، وطريقا إلى انكشاف مراداته من هذه الألفاظ الواردة في الكتاب أو السنّة مجرّدة عن القرائن المشخّصة للمراد.
ولا إشكال عند الفريقين في ثبوت الوضع في عرف المتشرّعة ، كما علم ذلك في المسألة المتقدّمة.
وقد يعتذر عن التعبير المذكور بأنّ الظاهر أنّ تحرير النزاع بهذا الوجه إنّما هو من المثبتين ، بناء على أصلهم في القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة.
ثمّ اشتهر ذلك بين الاصوليّين ، فتبعهم في ذلك من لا يوافقهم في ظاهر مفاد العنوان ، جمعا بين الجري على ما هو المعنون ، ومراعاة جريان النزاع على القول بالنفي أيضا باعتبار المعنى.
وما قرّرناه أوجه وأوفق بقواعدهم ، وبه يعلم الجواب عن ثاني الوجوه ، فإنّ المراد بالأمارات المحتجّ بها ما هو كذلك بحسب عرف المتشرّعة ، لا ما يتحقّق منها في عرف الشارع ، لئلاّ يجامع القول بالنفي.
وأمّا الشبهة الأخيرة فيدفعها : منع الملازمة المدّعاة ، لرجوع النزاع على القول بالنفي إلى تعيين أقرب مجازات الألفاظ من المعاني الشرعيّة ـ المنقسمة إلى الصحيحة والفاسدة والأعمّ منهما ـ إلى الحقيقة من معانيها اللغويّة ، ليثمر عند قيام القرينة الصارفة عن الحقيقة ، بضابطة قولهم : « إذا تعذّرت الحقيقة فأقرب