الإجمال عليها ، الّتي منها الوقف بالنظر إلى الواقع ، ومراجعة الاصول من جهة العمل ، على ما جزم به جماعة من المتأخّرين ولا سيّما المعاصرين ، وأيّا ما كان ، فلا سبيل على هذه المقالة إلى النظر في الصحّة والعموم لمراعاة هذا الغرض.
أمّا على الأوّل : فلأنّ الأخذ بأصلي البراءة والاشتغال إنّما يتّجه حيث لم ينهض من الوجوه الاجتهاديّة ما ينفى مدخليّة ما احتمل مدخليّته في العبادة من عموم أو إطلاق أو نصّ ، وإطلاق هذه الألفاظ بالقياس إلى معانيها اللغويّة ـ المعلومة بالفرض على هذه المقالة ـ ينهض حجّة على النفي ، لرجوع احتمال المدخليّة إلى احتمال التقييد ، ومعه لا مجرى لشيء من الأصلين ، ولو اتّفق عليها إجمال في اللفظ من جهة اخرى ، كعدم معلوميّة المعنى اللغوي ونحوه من أسباب الإجمال فهو إجمال لا مدخل له في القول بالصحيحة ، حتّى يقال : بإمكان أن يحصل لهذا القائل من الإجمال ما يقضي بمراجعة الاصول كما في الصورة المفروضة ، فلا تكون الفائدة المذكورة مخصوصة بغيره من أصحاب القولين ، فإنّ نحو هذا الإجمال كثيرا مّا يتّفق للأعمّي من أصحاب القولين وإن كان قائلا بالحقيقة الشرعيّة فيضطرّ إلى مراجعة الاصول ، كما لو شكّ في مدخليّة ما يسري شكّه إلى صدق الاسم وتحقّق الماهيّة.
وبالجملة : ما يلزم هذا القائل من إطلاق اللفظ بالنظر إلى المعنى اللغوي رافع لموضوع الأصلين ، ومعه لا يعقل منه الدخول في النزاع إحرازا لموضوع أحد الأصلين.
وأمّا على الثاني : فلأنّ الدخول في النزاع لإحراز موضوع مسألتي البيان والإجمال ، إنّما يتّجه حيث تردّد اللفظ من أوّل الأمر بين حالتين ، إحداهما مقتضية للبيان والاخرى مقتضية للإجمال ، كما هو كذلك على مذهب غير هذا القائل ، لتردّد اللفظ في نظره بين حالتي كونه اسما للأعمّ وكونه اسما للصحيحة ، وليس كذلك على مذهب هذا القائل ، لكون اللفظ عنده بالنظر إلى المعنى اللغوي من قبيل المبيّن ، لنهوض الإطلاق بالنسبة إليه بيانا لعدم إرادة المقيّد من لفظ المطلق ، بالنسبة إلى ما احتمل كونه قيدا.