في اصول الدين ، كان الخارج من الأصل هو الظنّ بهذا العنوان ، وحينئذ فلو استلزم العمل بالظنّ في اصول الدين الأخذ بالظنون الدلالتيّة لبعض ألفاظ الكتاب والسنّة المتضمّنة للمطالب الاصوليّة على وجه لم يتمّ العمل بالظنّ فيها إلاّ بالأخذ بتلك الظنون ، لم يكن ذلك من حجّية الظنّ في الدلالات ، بتوهّم كون العمل به بهذا العنوان أيضا خارجا عن الأصل ، بل العمل بها باعتبار ما ذكر عمل بالظنّ بعنوان أنّه ظنّ في اصول الدين وهو خارج عن الأصل.
وأمّا هي بعنوانها الخاصّ الممتاز عن عنوان الظنّ في اصول الدين فباقية بعد ، تحت الأصل إلى أن يقوم على خروجها عنه دليل آخر ، ولا يكفي فيه الدليل المخرج للظنّ في اصول الدين.
ويظهر الثمرة في الظنون الدلالتيّة المتحقّقة في غير اصول الدين ، كما يظهر بالتأمّل ، وحينئذ فدليل الانسداد إنّما ينهض دليلا على التعبّد بالظنّ في الأحكام الشرعيّة الفرعيّة بعنوان أنّه ظنّ فيها ، وحيث انّ هذا الظنّ لا بدّ وأن يكون إطمئنانيّا فلا ريب أنّ الظنّ الاطمئناني في معظم الأحكام المسدود فيها باب العلم ، لا ينعقد إلاّ بإحراز جميع جهات دليليّة الأدلّة الّتي عمدتها الكتاب والسنّة من الصدور وجهة الصدور والمتن والدلالة ، والوضع بالمعنى الأعمّ ممّا هو في المجازات بالأسباب الظنّية في كلّها أو بعضها ، إذا لم يكن من الظنون الّتي قام الدليل عليها بالخصوص ، فإذا توقّف انعقاد هذا الظنّ على إعمال الظنون الغير الثابت حجّيتها بالخصوص في أوضاع نبذة من ألفاظ الكتاب والسنّة ـ كما هو القدر المسلّم ممّا يتعذّر فيه العلم ـ كان ذلك من باب الاضطرار إلى العمل بها من جهة تعيّن العمل بالظنّ في الأحكام ، المتوقّف انعقاده على الأخذ بها ، وليس من باب حجّية الظنّ في اللغات ، أو قول اللغويّين على وجه يكون أصلا ثانويّا مخرجا بالدليل عن أصالة منع العمل بالظنّ مطلقا كما هو المطلوب في المقام ، والمنعقد لأجله المبحث ، بل الأخذ بها على الوجه المذكور إنّما حصل بعنوان أنّه عمل بالظنّ في الأحكام ، وهو الخارج عن الأصل بالدليل ، وأمّا العمل بها بعنوان أنّه عمل بالظنّ