في الخارج عنوان العقديّة ، والمفروض مشكوك في تحقّق هذا العنوان فلا يتناوله العموم جزما ، فلا وجه للحكم بالصحّة ، بل المقام حينئذ من مجاري أصالة العدم بلا معارض ، فيجب فيه الحكم للثاني.
ومنه : ما لو وقع الاختلاف في الوقف الخاصّ بين ورثة الواقف وورثة الموقوف عليه ، بأن يدّعي الأوّل عدم لحوق قبول الموقوف عليه بإيجاب الواقف ، ويدّعي الثاني لحوقه ، فحينئذ لا يمكن الحكم للثاني تعويلا على أصالة الصحّة. ومحلّ البحث على القول بالصحيحة من هذا الباب ، إذ الشكّ في الصحّة حينئذ مرجعه إلى الشكّ في تحقّق عنوان الصلاتيّة وصدقه على الفعل البارز في الخارج ، ومعه لا معنى للحكم بالصحّة استنادا إلى أصالة الصحّة في فعل المسلم.
فإن كان النظر في الفرعين المذكورين إلى هذه القاعدة فالفرق بين القولين متّجه ، ومحصّله يرجع إلى منع جريان أصالة الصحّة في فعل المسلم إذا وقع في موضع العبادة على القول بالصحيحة ، لا من باب تقييد أدلّة هذا الأصل أو تخصيصها لنطالب بدليلهما ، بل من باب خروجه عنها خروجا موضوعيّا ، وبذلك ـ مع ملاحظة بطلان القول بالفحص والتفتيش عن صحّة صلاة المصلّي في المسألتين ، حيث إنّ المتشرّعة غير ملتزمين بذلك عند الوفاء بالنذر والقدوة ، بل لو التزم به أحد كان مستنكرا في نظرهم ـ يظهر قوّة القول بالأعمّ وضعف القول الآخر ، حيث إنّه يكشف عن كون المركوز في أذهانهم كون وضع اللفظ للعبادة بمثابة لا تمنع عن الاستناد إلى أصالة الصحّة في إحراز الصحّة الرافعة للحاجة إلى الفحص والتفتيش وهو الوضع للأعمّ ، كما يظهر به قوّة ما صنعه بعض الأعلام (١) من استظهار صحّة مقالته وبطلان مقالة الصحيحي ، من عدم التزام المؤمنين في الأعصار والأمصار بالتفحّص عن مذهب المصلّي في مسألتي القدوة وإعطاء النذور ، فإنّه استظهار حسن ، غير إنّه علّل عدم كفاية أصالة الصحّة في فعل المسلم لإحراز الصحّة على القول بالصحيحة بغير ما نبّهنا عليه.
__________________
(١) قوانين الاصول ١ : ٥١.