فإن قلت : المراد بالصحيحة المتبادرة الماهيّة المستجمعة للامور المعتبرة فيها من الأجزاء والشرائط.
قلت : إن اريد بالماهيّة على الوجه المذكور مفهومها ، فدعوى تبادرها كذب وفرية ، مع ضرورة انتفاء المرادفة ، وإن اريد مصداقها عاد المحذور.
فإن قلت : المراد بتبادر الصحيحة تبادر ما هو من لوازمها كالمطلوبيّة ، أو ما أمر به ، إذ لا ريب انّ قائلا إذا قال : « صلّى فلان » أو « صام أو حجّ » أو قال : « صلّيت أو صمت أو حججت » مثلا ، يتبادر منه أنّه أتى بما امر به ، والمفروض أنّ الأمر يلازم الصحّة باتّفاق الفريقين ، فينكشف به كون المسمّى هو الصحيحة لا غير.
قلت : مع أنّ هذا التبادر إن صحّحناه إنّما يستند إلى الأصل القطعي المركوز في الأذهان ، من لزوم حمل فعل المسلم وقوله على الصحّة ، المقتضية لكون المأتيّ به هو المأمور به ، إنّ ما أمر به في دعوى هذا التبادر إن اريد به مفهومه فهو كذب أيضا ، مع انتفاء المرادفة جزما ، وإن اريد به مصداقه فدعوى هذا التبادر يؤول بالأخرة إلى الاعتراف بتبادر الأعمّ ، التفاتا إلى انّ مصداق المأمور به يختلف باختلاف المكلّفين بحسب اختلاف أحوالهم ، والقدر المسلّم من تبادر المصداق تبادر ما يتردّد بين وظائفهم المختلفة زيادة ونقيصة ، وتبادلا في الأجزاء أو الشرائط ، فإنّ وظيفة كلّ واحد في أيّ مرتبة كانت من مراتب الزيادة والنقيصة ممّا أمر به ذلك الواحد.
ودعوى : كون المتبادر مرتبة معيّنة هي أعلى المراتب وأكمل الوظائف ، ممّا لا يصغى إليها.
وقد عرفت سابقا إنّ وظيفة كلّ مكلّف وإن كانت صحيحة بالقياس إليه ، إلاّ أنّها فاسدة بالقياس إلى غيره ، لما بيّنّاه من أنّ الصحّة والفساد المبحوث عنهما من الامور الإضافيّة ، فيؤخذ كلّ منهما مقيسا إلى مكلّف دون غيره ، فتبادر هذا المعنى على جهة الترديد في معنى تبادر الأعمّ من الصحيح.
نعم ، إن اعتبر الصحّة في محلّ البحث بمعنى موافقة الأمر ، كان لدعوى التبادر