على الوجه المفروض وجه في الجملة ، غير أنّه على ما حقّقناه بمعزل عن التحقيق وغفلة عن حقيقة محلّ النزاع ، مع بعده عن طريقة أهل هذا القول ، حيث إنّه لا ينهض حجّة ولا يسلّم إلاّ على تعدّد الماهيّات المستلزم للاشتراك ، وهو ممّا لا يظنّ الالتزام به عليهم.
وأمّا العلاوة الّتي في كلام بعض الأفاضل (١) فيدفعها : بعد تصحيح كون الفاسدة معصية ، إنّ حكم المتشرّعة بالرجحان والمطلوبيّة في المذكورات إنّما هو من جهة كون نظرهم في الغالب مقصورا على لحاظ عالم التكليف ، وهذا لا ينافي جعلهم الألفاظ أسامي للأعمّ ممّا يتحقّق به الطاعة وما يتحقّق به المعصية ، لو جرّدوا النظر عنه إلى لحاظ التسمية ، كما هو مقتضى أدلّة القول بالأعمّ.
ومنها : صحّة سلب الاسم عن الفاسدة ، فإنّها من أمارات المجاز.
ومن الأفاضل من أضاف إليها عدم صحّة السلب عن الصحيحة ، قائلا : بأنّه إذا اخذت الماهيّة مستجمعة لجميع الأجزاء والشرائط المعتبرة في صحّتها ، فلا يصحّ سلب الصلاة عنها في عرف المتشرّعة ، فيكون ذلك عين معناها. (٢)
والجواب عن ذلك : ـ بعد ملاحظة أنّ المعتبر في السلب في الصحّة وعدمها إنّما هو سلب اللفظ باعتبار مسمّاه الموضوع له لا غير ـ يظهر بالتأمّل فيما مرّ ، فإنّ صحّة السلب وعدمها على القول بالصحيحة ـ المتضمّن للإجمال المفهومي ـ لا طريق إلى إحرازهما ، بل لا يمكن معه أصل السلب لينظر في صحّته أو عدمه ، التفاتا إلى أنّ السلب في الحمليّات السوالب كالحمل في الموجبات مسبوق بتصوّر موضوع القضيّة ومحمولها ، وهو مسبوق بالعلم بذات الموضوع والمحمول ، وهو لا يجامع الإجمال الناشئ عن جهالة ذات المسمّى ، من غير فرق بين كون المراد بهما ما ينعقد في نظر الجاهل المستدلّ بهما أو ما ينعقد في نظر المتشرّعة
__________________
(١) هداية المسترشدين : ١٠١ ( الطبعة الحجرية ).
(٢) المصدر السابق : ١٠٢.