ودخل فيه المشتقّات بجميع أنواعها فعليّة واسميّة وصفيّة وغيرها ، حتّى الجموع المكسّرة بأسرها ، حتّى نحو « فلك » جمعا منه مفردا ، فإنّ وجه وروده جمعا ليس وجه وروده مفردا وإن اتّحدا صورة ، إذ الثاني إنّما هو بمقتضى الوضع الشخصي المتعلّق بمجموع المركّب من هذه الحروف المعروضة لتلك الهيئة المخصوصة بخلاف الأوّل ، فإنّه من مقتضى الوضع النوعي المتعلّق بهيئة « فعل » وضمّه بهذا الاعتبار هو الضمّ المأخوذ في هذه الهيئة المغاير لما هو في المفرد ، فالتغاير بينهما بهذا الاعتبار حقيقي ، وإنّما دخل بالاعتبار الأوّل في هذه الهيئة بطريق الاشتقاق على الوجه المتقدّم.
وربّما يشكل الحال في شيئين :
أحدهما : جريان هذا الاعتبار في المثنّى والجمع المصحّح ، ففي اندراجهما تحت ضابط الاشتقاق وعدمه ، وجهان : مبنيّان على كون الوضع فيهما باعتبار معنييهما نوعيّا متعلّقا بالهيئة التركيبيّة المتولّدة من انضمام أدواتهما إلى المفرد ، أو كونه شخصيّا متعلّقا بالأدوات.
وثانيهما : جريانه بالقياس إلى نحو « لبّان » و « حدّاد » و « نجّار » و « بنّاء » وغيره ممّا يدلّ على الذات باعتبار انتسابها إلى مبدأ جامد ويعبّر عنها بألفاظ النسبة ، وقد تسمّى بالمنسوب ، وفيها أيضا وجهان : مبنيّان على كون الهيئات الموازنة لها باعتبار أنّها هيئة مخصوصة موضوعة بحسب اللغة للمعنى المستفاد منها وعدمه ، والأوّل وإن كان يساعد عليه كلام أهل الصرف ، حيث أدرجوها في عداد الأوزان الموضوعة إلاّ أنّ الثاني هو الأظهر ، وحينئذ فالأرجح فيها عدم اندراجها في الضابط ، فيكون إطلاق المشتقّ عليه توسّعا.
ولذا يعبّر عنها بالمشتقّات الجعليّة ، لكون أخذها من مبادئها من جعليّات العرف ومخترعاتهم ، لا من باب الاشتقاق الواصل من أصل اللغة.
ثمّ إنّ لهم في الاشتقاق والمشتقّ تعريفات كثيرة ، لا يسلم شيء منها عن شيء ، مع ابتناء كثير منها على تكلّفات واضحة ، مثل ما في التهذيب من تعريف