بعضها على بعض ولا كلّ واحد على المجموع ، ولا المجموع على كلّ واحد ، لما لزمها من التغاير بالوجود ، واعتبار كلّ بشرط لا في لحاظه ، وصحّته في الجنس والفصل المأخوذ كلّ منهما جزءا لها من حيث إنّها نوع مركّب باعتبار لحاظ العقل من الأجناس والفصول ، على ما هو ضابط المركّبات العقليّة بأجمعها من صحّة الحمل في أجزائها بعضها على بعض ، وكلّ واحد على الكلّ ، والكلّ على كلّ واحد ، لما لزمها من الاتّحاد الوجودي ، المقتضي لأخذ كلّ في لحاظ التركيب الّذي هو لحاظ التعريف لا بشرط.
ومن هنا يصحّ التعريف المنوط صحّته على صحّة حمل كلّ جزء من المعرّف على المعرّف ، وإنّما ذكر الهيولي في قرن الجنس والصورة في قرن الفصل ، مراعاة لمشابهة الأولى للجنس في الاشتراك بين جميع الماهيّات ، والثانية للفصل في جهة الاختصاص بماهيّة واحدة وامتيازها بهما عن مشاركاتها في الهيولي والجنس خارجا وعقلا ، ولا خفاء إنّ العرض والعرضي وإن كانا يمتازان عن هذه المذكورات في خروجهما عن الماهيّة غير أنّ الأوّل منهما يشارك الهيولي والصورة في عدم صحّة الحمل ، والثاني يشارك الجنس والفصل في صحّته.
ومن الفضلاء من اعترض على ما ذكروه بما يرجع ملخّصه ، إلى أنّ العرض ممّا لا يصحّ حمله على موضوعه وإن أخذ لا بشرط ، ما لم يعتبر المجموع منهما من حيث المجموع شيئا واحدا ، بأن اعتبر ذات الموضوع المأخوذة لا بشرط باعتبار قيام العرض بها ليحمل المجموع عليها ، فلا يكفي فيه مجرّد أخذ العرض لا بشرط (١).
وظنّي إنّه في غير محلّه ، حيث لا نجد في كلامهم المذكور ما ينافي ذلك ولعلّ مبناه على توهّم إنّهم زعموا كون العرض إذا اخذ على الوجه المذكور تمام مدلول المشتقّ ، فهو حيثما يؤخذ في قضيّة الحمل فإنّما هو يؤخذ بتمام مدلوله ، وليس إلاّ العرض المأخوذ لا بشرط.
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٦٢.