ويمتنع كونه وضعا لما لا يعقله أحد أو لا يعقله إلاّ الأوحدي ، ونحن لا نتعقّل من الأمر البسيط المنتزع سوى اللفظ الخالي عن المعنى ، ولا يدخل في أذهاننا منه عدا عنوان بدون معنون ، بخلاف الذات والوصف القائم بها ، فإنّه أمر معقول مدرك يعرفه كلّ أحد.
ودعوى : إنّه يدرك بما يظهر في الترجمة الفارسية من الامور البسيطة المتقدّم ذكرها ، من نحو « دانا » و « سفيد » و « سياه » في مفهوم « العالم » و « الأبيض » و « الأسود ».
يدفعها : إنّ بساطة اللفظ لا يلازم بساطة المعنى.
ولا ريب أنّ مفاهيم الألفاظ العربيّة ليست الألفاظ الفارسيّة ، وإرادة التعريف بمعاني هذه الألفاظ توجب نقل الكلام إليها فإنّ هذه الألفاظ مرادفات للألفاظ العربيّة ، بناء على ما تقدّم في محلّه من حصول المرادفة بين لفظين من لغتين ، فالكلام الجاري في محلّ الكلام يجري بعينه في مرادفاته ، هذا مضافا إلى عدم قيام دليل ينهض بإثباته ، وما عرفته عن بعض المحقّقين فاسد الوضع.
فإنّ أوّل ما يرد عليه : إنّه بحسب المفهوم أعمّ من المدّعى ، إذ غاية ما يلزم منه بعد تسليم مقدّماته إنّما هو نفي دخول الذات أو الشيء مفهوما ومصداقا في مفهوم المشتقّ ، وهو أعمّ من البساطة ، لجواز دخول ما لا يستتبع المحذورين فيه وإن لم نعرفه بعينه.
ولا ريب إنّ الاحتمال في نحوه مبطل للاستدلال.
وثاني ما يرد عليه : أنّه بحسب المورد أخصّ من المدّعى ، إذ لا يجري إلاّ في بعض نادر من أفراد المشتقّ ، وهو ما اخذ فصلا أو محمولا في مادّة الإمكان الخاصّ.
وثالث ما يرد عليه : إنّه إن اريد به إنّ اختلال قانون الفصل أو مادّة الإمكان الخاصّ بالقياس إلى بعض أفراد المشتقّ في نظر أهل المعقول ، اللازم من دخول الذات أو الشيء مفهوما أو مصداقا في مفهومه ، ينهض حكمة باعثة على عدم أخذ شيء منهما بشيء من التقديرين فيه ، ليكون الدليل راجعا إليه بطريق اللمّ.