ولمّا انجرّ الكلام إلى ذكر اسم المصدر فلا بأس بالنظر إلى الفرق بينه وبين المصدر ، على ما يساعد عليه النظر ، فنقول :
ينبغي أن يقطع أنّ الإضافة في اسم المصدر ليست بيانيّة ، وعلى تقدير كونها لاميّة ـ كما هو المتعيّن ـ فيحتمل كون معناها اسم مدلوله المصدر ، أو اسم مدلول المصدر وإن لم يكن هو بنفسه مصدرا ، أو اسم معلوله ما هو حاصل من المصدر.
ولعلّه لتوهّم الوجه الأوّل قيل في الفرق بينهما : إنّ المصدر يدلّ على الحدث بنفسه ، واسم المصدر يدلّ على الحدث بواسطة المصدر ، فمدلول المصدر معنى ومدلول اسم المصدر لفظ المصدر.
ولتوهّم الوجه الثاني قيل : إنّ اسم المصدر ما ليس على أوزان مصدر فعله ، ولكن بمعناه.
ولتوهّم الوجه الثالث قيل : إنّ المصدر يدلّ على الحدث ، واسمه على الهيئة الحاصلة بسببه ، كما يقال في الفارسيّة « رفتن ورفتار كردن ، وكردار » « خوردن وخوردار » وفي معناه ما استظهره جمال الملّة والدين في حاشية الروضة (١) من أنّ المصدر موضوع لفعل الأمر أو الانفعال به ، واسم المصدر موضوع لأصل ذلك الأمر ، فالاغتسال مثلا عبارة عن إيجاد امور مخصوصة هي أفعال تدريجيّة مخصوصة ، والغسل عبارة عن نفس تلك الامور ، وإن ذكره هو بتخيّل كونه مغايرا لسابقه.
وتحقيق المقام ـ على ما يرشد إليه التدبّر في كلام أئمّة اللغة ، وكلمات الأعلام ـ إنّ الفرق بينهما معنوي لا أنّه لمجرّد اللفظ ، وإنّ اسم المصدر بحسب المعنى ليس من مقولة اللفظ ليكون مدلوله لفظ المصدر ، بل الفرق بينهما بحسب الذهن كالفرق بين حصول الشيء ونفس الشيء الحاصل.
وبعبارة اخرى : وقوع الشيء ونفس الشيء الواقع ، وبحسب الخارج كالفرق بين الشيء المتضمّن للنسبة والشيء المعرّى عنها ، فإنّ المصدر باعتبار مدلوله
__________________
(١) حاشية الخوانساري على الروضة البهيّة : ٩ ( الطبعة الحجرية ).