أمّا المقام الأوّل : فيختلف الحال فيه على حسب اختلاف المذاهب في حجّية قول اللغوي ، أمّا على المذهب المختار من اعتبار العلم في العمل به ، فلا محيص من التحرّي في طلب العلم بالمطابقة ، ثمّ الأخذ بموجبه سواء صادف نقل الحقيقة أو نقل المجاز ، ومع تعذّره لا محيص من الوقف.
وأمّا على مذهب من يعتبره في موضع الظنّ فالأمر منوط بحصوله ، فلا بدّ من التحرّي في طلبه ، ومع تعذّره في كلا الجانبين يتوقّف أيضا.
وأمّا على القول به تعبّدا فلا بدّ من التحرّي في الجمع بينهما ، فإن أمكن يتعيّن عملا بدليل الحجّية ، كالخبرين المتعارضين ـ على القول بأولويّة الجمع حيثما أمكن ـ وإن كان يفارقه في طريق الجمع ، من حيث إنّه في الخبرين إنّما يحصل بالإخراج عن الظاهر وتطرّق التصرّف إلى أحدهما بعينه ، أو إليه لا بعينه أو إلى كليهما.
وفي المقام يحصل بتصديق الناقلين معا فيما اعتقدا به ، ولذا لا يتوجّه هنا المناقشة الواردة ثمّة باعتبار قضاء الجمع على الوجه المذكور بطرح الخبر في الحقيقة ، لو التزم به مطلقا ولو مع فقد الشاهد الخارجي ، فيما يحتاج إليه من الصور المشار إليها.
والوجه في المغايرة أنّ التعارض ثمّة إنّما يحصل لشبهة في الدلالة ، مع مطابقة المدلول للواقع على تقدير إحراز الدلالة ، وهاهنا إنّما يحصل لشبهة في المطابقة للواقع مع الفراغ عن إحراز الدلالة كالسند.
وليس الجمع هنا أيضا نظير الجمع الّذي يلتزم به في مسألة تعارض الجرح والتعديل ، بتقديم الجرح نظرا إلى أنّه لا يستلزم تكذيب المعدّل ، من حيث إنّه يخبر عن « لا أدري » والجارح عن « أدري » والأوّل لا يعارض الثاني ، لكون كلّ من الناقلين مخبرا عن الدراية ، ولا من باب ما يأتي من طريقه في المقام الثاني من الأخذ بإثبات كلّ وإلغاء نفيه ، لأنّ ذلك إنّما يعقل إذا لم يكن الخلاف في قضيّة شخصيّة كما في المقام ، لكون المعنى واحدا وحصل الخلاف في وصفه ، فلا يمكن