ضرورة أنّ مضيّ زمان الإدراك أو استقباله مع حصول الملكة المرادة من المادّة حال النسبة لا يوجب كون الاستعمال على الأوّل من باب الاستعمال فيما انقضى ، وعلى الثاني من باب الاستعمال في المستقبل المتّفق على كونه مجازا.
وبالجملة : استعمال المشتقّ في ذوي الملكات وأرباب الحرف كما في « الكاتب » و « القارئ » و « المعلّم » لا يخرجه عن الحقيقيّة باعتبار الهيئة إذا كان المبدأ بهذا المعنى موجودا حال الإطلاق ، وإن أوجب المجازيّة باعتبار المادّة.
هذا على ما زعمه جماعة منهم بعض مشايخنا ، وإلاّ فهو في الألفاظ المستعملة في ذوي الملكات وأرباب الحرف والصناعات محلّ منع أيضا عندنا ، على ما سنحقّقه في ذيل المسألة إن شاء الله.
وكيف كان : فهذا النحو من الاستعمال خارج عن محلّ البحث.
وقد يلحقانه باعتبار هيئة ، وهو يتصوّر من جهتين :
إحداهما : باعتبار الذات المأخوذة في وضع الهيئة ، فيكون استعماله فيما لم يؤخذ فيه الذات ، أو فيما اخذ فيه الذات المأخوذة فيه لا من الجهة المأخوذة في وضع الهيئة مجازا ، ومن الأوّل نحو « قمت قائما » و ( بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ )(١) ممّا استعمل اسم الفاعل أو اسم المفعول في المعنى المصدري ، ومن الثاني قوله تعالى ( مِنْ ماءٍ دافِقٍ )(٢) و ( لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ )(٣) و ( عِيشَةٍ راضِيَةٍ )(٤) و ( حِجاباً مَسْتُوراً )(٥) و ( كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا )(٦) و ( جَزاءً مَوْفُوراً )(٧) إلى غير ذلك ممّا استعمل فيه الفاعل أو المفعول في معنى صاحبه ، وهذا أيضا ممّا لا تعلّق له بمحلّ البحث.
وثانيتهما : باعتبار التلبّس وعدمه ، ودخول الزمان في مفهومه وعدمه ، فقد
__________________
(١) القلم : ٦.
(٢) الطارق : ٦.
(٣) هود : ٤٣.
(٤) القارعة : ٧.
(٥) الإسراء : ٤٥.
(٦) مريم : ٦١.
(٧) الإسراء : ٦٣.