منهما مناطا للحكم ومتعلّقا للاثبات والنّفي ، لا في المجموع المركّب الذي أحد المعنيين جزء منه. سلّمنا ، لكن ليس كلّ جزء يصحّ إطلاقه على الكلّ ، بل إذا كان للكلّ تركّب حقيقيّ وكان الجزء ممّا إذا انتفى انتفى الكلّ بحسب العرف أيضا ، كالرقبة للانسان ، بخلاف الإصبع والظّفر ونحو ذلك.
قلت : لم أرد بوجود علاقة الكلّ والجزء : أنّ اللّفظ موضوع لأحد المعنيين ومستعمل حينئذ في مجموعهما معا ، فيكون من باب إطلاق اللّفظ الموضوع للجزء وإرادة الكلّ كما توهّمه بعضهم ، ليرد ما ذكرت. بل المراد : أنّ اللّفظ لمّا كان حقيقة في كلّ من المعنيين ، لكن مع قيد الوحدة ، كان استعماله في الجميع مقتضيا لإلغاء اعتبار قيد الوحدة كما ذكرناه ، واختصاص اللّفظ ببعض الموضوع له أعني : ما سوى الوحدة. فيكون من باب إطلاق اللفظ الموضوع للكلّ وإرادة الجزء. وهو غير مشترط بشيء ممّا اشترط في عكسه ، فلا إشكال.
ولنا على كونه حقيقة في التثنية والجمع : أنّهما في قوّة تكرير المفرد بالعطف. والظاهر : اعتبار الاتفاق في اللّفظ دون المعنى في المفردات ؛ ألا ترى أنّه يقال : زيدان وزيدون ، وما أشبه هذا مع كون المعنى في الآحاد مختلفا. وتأويل بعضهم له بالمسمّى تعسّف بعيد. وحينئذ ، فكما أنّه يجوز إرادة المعاني المتعدّدة من الألفاظ المفردة المتّحدة المتعاطفة ، على أن يكون كلّ واحد منها مستعملا في معنى بطريق الحقيقة ، فكذا ما هو في قوّته.
احتجّ المانع مطلقا : بأنّه لو جاز استعماله فيهما معا ، لكان ذلك بطريق الحقيقة ، إذ المفروض : أنّه موضوع لكلّ من المعنيين ، وأنّ الاستعمال في كلّ منهما بطريق الحقيقة. وإذا كان بطريق الحقيقة ، يلزم كونه مريدا لأحدهما خاصّة ، غير مريد له خاصّة ، وهو محال.
بيان الملازمة : أنّ له حينئذ ثلاثة معان : هذا وحده ، وهذا وحده ،