أحدهما : أنّ عدم دخول قيد « الوحدة » في الموضوع له يقتضي عموم الوضع لحالتي الوحدة والكثرة ، فيكون استعمال اللفظ في الكثير على وجه الحقيقة ، كما أنّ استعماله في الواحد كذلك ، وإنّما توهّمه المحقّق السلطان حيث ردّ على المصنّف في دعوى كون اللفظ حقيقة في كلّ من المعنيين مع قيد « الوحدة » قائلا : لا يخفى أنّ دخول قيد « الوحدة » في الموضوع له ممنوع ، بل الظاهر خلافه ، وإنّ الوحدة وعدمها من عوارض الاستعمال لا جزء للمستعمل فيه ، فإنّ الظاهر إنّ الواضع إنّما وضعه لكلّ من المعاني لا بشرط الوحدة ولا عدمها.
نعم قد يستعمل تارة في واحد منها ، وقد يستعمل في أكثر ، والموضوع له المستعمل فيه هو ذات المعنى في الصورتين على ما حقّقه شارح المختصر (١).
ثانيهما : إنّ قيد « الوحدة » وإن لم يدخل في الوضع ولكن وجود الوصف حال الوضع ممّا يقتضي اختصاص الوضع بحال الوحدة ، فالتخطّي منها إلى غيرها باستعمال اللفظ في أكثر من معنى استعمال له في غير ما وضع [ له ](٢) والمتوهّم لذلك بعض الأعلام في هذا المقام (٣) بل في غير موضع من كتابه.
ولا بأس بالتكلّم في تحقيق ما هو الصواب من هذين التوهّمين.
فنقول : يمكن توجيه الأوّل بما يكون دليلا عليه ، من : أنّ المشترك « كالعين » مثلا بالنسبة إلى الذهب والفضّة موضوع لذات كلّ من المعنيين بوضع على حدّة ، وكما أنّه إذا اريد منه الذهب وحده تعويلا على الوضع المختصّ به كان استعمالا له فيما وضع له ، وإذا اريد منه الفضّة وحدها تعويلا على الوضع الآخر المختصّ بها كان استعمالا له فيما وضع له ، فكذلك إذا اريد منه الذهب والفضّة معا تعويلا بالنسبة إلى كلّ منهما على الوضع المختصّ به كان استعمالا له فيما وضع له ، والانضمام المفروض إنّما حصل قهرا من جهة الاستعمال من باب المقارنة الاتّفاقية من دون أن يوثّر في خروج شيء منهما عن كونه موضوعا له ، ولا في
__________________
(١) حاشية سلطان العلماء على المعالم : ٣٣.
(٢) أثبتناه بضرورة السياق.
(٣) قوانين الاصول ١ : ٦٣.