اسم الجنس ، وهو ما دلّ بالوضع على الماهيّة من حيث هي ، ونفي الماهيّة يستلزم نفي جميع أفرادها ، وظاهر أنّ إثبات البعض يناقض نفي الجميع ، ولذا لا يصحّ أن يقال : « بل رجلان » فيما إذا صدق قولنا : « لا رجل في الدار » للزوم التناقض.
بخلاف « ليس » و « لا » المشبّهة بها وغيرها ، فإنّ الغالب فيها كون مدخولها نكرة ، وهي ما يدلّ بالوضع على فرد مّا من الماهيّة ، أي مفهوم فرد مّا ، فإذا وردت عليها أداة النفي كانت ظاهرة في نفي مفهوم فرد مّا.
وظاهر إنّ نفي مفهوم فرد مّا يستلزم نفي جميع مصاديقه ، وحيث إنّ فردا مّا يتضمّن الوحدة المستفادة من التنوين فيحتمل كون النفي المستفاد من الأداة متوجّها إلى الوحدة فقط دون مفهوم الفرد ، وحينئذ يصحّ أن يقال : « بل رجلان » بعد قولنا : « ليس في الدار رجل » لأنّ نفي الوحدة لا ينافي إثبات الاثنين ، إلاّ أنّ هذا الاحتمال مخالف للظاهر ، لظهور إرادة النفي في التوجّه إلى مفهوم الفرد ، ولأجل قيام الاحتمال المذكور كان دلالتها على عموم النفي على وجه الظهور ، وليس نحوه قائما في « لا » النافية حيث لم يؤخذ في معنى مدخولها وحدة حتّى يحتمل توجّه النفي إليها.
وعلى هذا فلو قيل : « لا عين في الدار » واريد من المدخول ماهيّة واحدة من معانيه ، أو قيل : « ليس في الدار عين » واريد فرد مّا من ماهيّة واحدة من معانيه فلا كلام في أنّهما يفيدان العموم ، وأنّ الأوّل يفيده في أفراد الماهيّة والثاني يفيده في مصاديق فرد مّا ، وأنّ عموم النفي يستلزم تعدّد المنفيّ من أفراد الماهيّة ومصاديق فرد مّا.
وأمّا إذا اريد من المدخول فيهما معان متعدّدة أو جميع المعاني ويقصد من أداة النفي نفي الماهيّات المتعدّدة المرادة من المدخول ، فهذه الإرادة ليست من لوازم عموم النفي بالمعنى المذكور ولا من ملزوماته ، فجوازها مبنيّة على ثبوت جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى بدليل آخر ، فإن ثبت جوازه بالدليل فلا يفترق الحال فيه بين الإثبات والنفي ، وإن لم يثبت فلا يفترق الحال فيه أيضا