معنى آخر من الهيئة ، ويرجع ذلك إلى ما بيّنّاه من الاعتبار لا إلى ما ذكر في المناقشة ، فإرادة نفس معنيين آخرين من الهيئة التركيبيّة أو من العلامة لا يوافق شيئا من اعتبارات التثنية.
وأمّا ما ذكر أيضا في المناقشة من أنّ بذلك يرفع التفرقة بين المفرد والتثنية والجمع.
ففيه : أيضا منع الملازمة ، لأنّ المفرد إذا اريد منه معنيين أو معاني يفتقر في دلالته على الاثنينيّة وما فوقها إلى دلالة خارجيّة ، وهذه الدلالة في التثنية والجمع وضعيّة مستندة إلى العلامة أو الهيئة التركيبيّة وهذا القدر كاف في التفرقة بينه وبينهما ، ولو جعلنا العلامة أو الهيئة لفردين أو أفراد من كلّ من المعنيين ، بناء على فرض استعمالهما أيضا في أكثر من معنى كان التفرقة أوضح.
وأمّا قوله : « بل يبطل الحصر بين الاسم والفعل والحرف » فلم أتحقّق معناه إلاّ إذا رجع إلى إنكار الاشتراك رأسا في اللغة ، لأنّ الحصر المذكور مستفاد من الوضع.
وأمّا على تقدير تسليم الاشتراك ووقوعه في كلّ من الاسم والفعل والحرف فلا نرى له وجها ، فإنّ انقسام الكلمة إلى هذه الأقسام إنّما هو من جهة المعنى الموضوع له باعتبار استقلاله بالمفهوميّة مع الاقتران بأحد الأزمنة أو لا معه وعدمه ، اتّحد أو تعدّد ، فما كان معناه المراد منه باعتبار الوضع مستقلاّ بالمفهوميّة فهو اسم إن لم يقترن بأحدها وإلاّ ففعل ، اتّحد أو تعدّد ، وطروّ التعدّد له وضعا أو إستعمالا لا يقضي بخروجه عن الاستقلال ، وما كان معناه المراد غير مستقلّ فهو حرف اتّحد أو تعدّد ، ولا يوجب طروّ التعدّد له خروجه عن عدم الاستقلال ، كما إذا اريد من كلمة « من » الابتداء والبيان معا حيث ناسبهما المقام.
نعم لو وجد لفظ وضع لمعنى مستقلّ ومعنى غير مستقلّ ، أو معنى مستقلّ مقترن ومعنى مستقلّ غير مقترن كان لتوهّم نقض الحصر بذلك وجه.
ولكن يذبّ عنه أيضا : مع عدم تحقّق نحو ذلك في الخارج ، أنّه لو صلح منعا لرجع إلى منع جواز الاشتراك بين المعنى الاسمي والمعنى الفعلي أو الحرفي ، وبين